...
رسوم على الأراضي البيضاء

فرض رسوم على الأراضي البيضاء ضمن 3 قصص تُلهم العقاريين من كتاب بن سعيدان

فرض رسوم على الأراضي البيضاء لم يكن مجرد إجراء تنظيمي، بل لحظة تحوّل محورية في تاريخ السوق العقاري السعودي. وفي كتابه “حياتي في العقار”، يستعرض الشيخ إبراهيم محمد بن سعيدان هذه اللحظة كجزء من سردٍ أوسع لتجربته الثرية، التي لا تقتصر على المواقف الشخصية، بل تمتد لتُقدّم دروسًا استراتيجية وفكرًا استشرافيًا نابعًا من سنوات طويلة من العمل والمراقبة والتأمل في هذا القطاع الحيوي.

يُعد قطاع العقارات من أكثر القطاعات حيوية وتأثيرًا في الاقتصادات والمجتمعات حول العالم، حيث تتشابك فيه الأحلام الفردية مع التطلعات التنموية، وتتقاطع فيه الفرص الواعدة مع التحديات الجسيمة. ومن خلال قصص واقعية، يضيء الكتاب دروب النجاح والفشل، ويكشف عن أهمية الرؤية المستقبلية المستنيرة بدروس الماضي، والتكيف مع المتغيرات الاقتصادية والتشريعية، وتزويد الجيل الجديد من العقاريين بالمعرفة والوصايا القيمة.

هذا المقال سيتناول ثلاث قصص محورية من الكتاب – “استشراف المستقبل من دروس الماضي”، و”فرض رسوم على الأراضي البيضاء”، و”وصايا لشباب عقاريين” – لتحليل مضامينها العميقة، وتقديم فهم شامل لكيفية الاستفادة منها في مسيرة كل عقاري.

1. استشراف المستقبل من دروس الماضي: رؤية تتجاوز اللحظة الراهنة

يُلقي الشيخ بن سعيدان الضوء في قصة “استشراف المستقبل من دروس الماضي” على أهمية امتلاك بصيرة تتجاوز حدود الحاضر. لا يكفي في عالم العقار أن تكون ملمًا بأسعار اليوم أو صفقات الأمس، بل يتوجب على العقاري الحقيقي أن يمتلك القدرة على قراءة المتغيرات وتوقع مسار السوق المستقبلي. ويُشدد المؤلف على أن هذه القدرة لا تُبنى على التكهنات، بل على تحليل عميق لتجارب الماضي ودروسه. فالتاريخ العقاري، بكل تقلباته وصعوده وهبوطه، يُعد معلماً لا يُضاهى للخطوات المستقبلية. إن فهم كيف تأثرت الأسعار سابقًا بالتغيرات الديموغرافية، أو بتطور البنى التحتية، أو بتطبيق تشريعات جديدة، يُمكن أن يُشكل بوصلة هادية نحو اتخاذ قرارات صائبة اليوم وفي الغد.

كما يُقدم  مثالًا حيويًا على ضرورة عدم التعامل مع العقارات كأصول مادية جامدة، بل ككيانات حية تتأثر وتؤثر في محيطها. فالأرض أو المبنى لا يكتسب قيمته من موقعه الجغرافي فحسب، بل من تفاعله مع النسيج الاقتصادي والاجتماعي والسياسي المحيط به. هذا التفاعل هو ما يُشكل ديناميكية السوق ويُحدد مسار الأسعار. ولذا، فإن العقاري الناجح هو من يستطيع أن يرى هذه التفاعلات المعقدة وأن يستنتج منها توجهات المستقبل.

فالتعلم من الأخطاء التي وقع فيها الآخرون في الماضي، أو حتى الأخطاء الشخصية، يُعد فرصة لا تُقدر بثمن لتجنب تكرارها. كما يُبرز الكاتب ضرورة المرونة والقدرة على إعادة تقييم الاستراتيجيات باستمرار، فالسوق لا يظل ثابتًا، والمتغيرات تتوالى، ومن لا يتكيف معها، يجد نفسه متخلفًا عن الركب. هذه القصة ترسخ مبدأ أن الرؤية الثاقبة هي نتاج خبرة متراكمة ووعي مستمر بدروس التاريخ.

2. قصة فرض رسوم على الأراضي البيضاء: نحو سوق عقاري أكثر عدالة وحيوية

تُقدم قصة “فرض رسوم على الأراضي البيضاء” نظرة معمقة على أحد أبرز التحديات التي واجهتها الأسواق العقارية في المنطقة، وهي مشكلة الأراضي غير المطورة أو “البيضاء” داخل النطاق العمراني للمدن. يُوضح الكاتب كيف أن هذه الظاهرة، حيث يحتفظ ملاك الأراضي بها دون تطوير أو استثمار، تُسهم بشكل مباشر في ندرة الأراضي المعروضة للسكن وتضخم أسعار العقارات، مما يُلقي بظلاله على القدرة الشرائية للمواطنين ويُعيق التنمية العمرانية المستدامة.

يسرد الشيخ بن سعيدان تفاصيل الجهود المضنية التي بُذلت لتطبيق تشريعات تفرض رسومًا على هذه الأراضي. هذه الجهود لم تكن يسيرة، فقد واجهت مقاومة شرسة من ملاك الأراضي الكبار الذين رأوا في هذه التشريعات تهديدًا لمصالحهم، بالإضافة إلى التحديات البيروقراطية وغياب التنسيق الفعال بين الجهات الحكومية المعنية. يُبرز الكاتب أن الهدف الأسمى من هذه الرسوم لم يكن مجرد جمع إيرادات لخزانة الدولة، بل كان يرمي إلى تحفيز الملاك على تطوير أراضيهم أو طرحها للبيع في السوق، مما يؤدي إلى زيادة المعروض من الأراضي السكنية والتجارية وبالتالي خفض الأسعار وجعلها في متناول شرائح أوسع من المجتمع.

و يُؤكد أن هذه التشريعات لم تكن مجرد قرارات إدارية، بل كانت استجابة ضرورية لمتطلبات السوق والحاجة الملحة لتوفير حلول سكنية فعالة. ويُشير إلى أن تطبيق الرسوم على الأراضي البيضاء، على الرغم من الجدل الذي أثارته، كان خطوة محورية نحو تحقيق توازن أكبر في السوق العقاري، وتشجيع الاستثمار الأمثل للأراضي، ومكافحة الاحتكار الذي كان يُعيق نمو القطاع. تُقدم هذه القصة نموذجًا حيًا لكيفية تأثير السياسات الحكومية في ديناميكيات السوق العقاري وكيف يمكن أن تُسهم في تحقيق أهداف اجتماعية واقتصادية أوسع.

3. وصايا لشباب عقاريين: خارطة طريق للجيل الواعد

في قصة “وصايا لشباب عقاريين”، يُجسد الكاتب دوره كمرشد وخبير، مُقدمًا خلاصة خبراته على شكل نصائح وتوجيهات عملية للشباب الطموح الذي يتطلع لدخول عالم العقار أو التميز فيه. يُشدد الكاتب على أن النجاح في هذا المجال لا يعتمد فقط على حجم رأس المال أو العلاقات السطحية، بل يتجذر في المعرفة العميقة، والمرونة الذهنية، والقدرة على التكيف السريع مع التغيرات المستمرة في السوق.

من أبرز الوصايا التي يُقدمها المؤلف:

  • التعلم المستمر والدائم: ينصح الشيخ بن سعيدان الشباب بضرورة البقاء في حالة تعلم دائمة. فالسوق العقاري يتطور باستمرار، وتظهر فيه تقنيات وأدوات وتشريعات جديدة. القراءة المتعمقة للكتب والمقالات المتخصصة، حضور الدورات التدريبية وورش العمل، ومتابعة آخر تحليلات السوق، كلها أمور ضرورية لتعزيز المعرفة وصقل المهارات.
  • استقراء التاريخ والاستفادة من التجارب السابقة: يُشجع الشيخ بن سعيدان على دراسة تاريخ السوق العقاري بعمق، ليس فقط لتوثيق الأحداث، بل لاستخلاص الدروس من الأخطاء والنجاحات على حد سواء. إن فهم الأسباب التي أدت إلى فترات الركود أو الازدهار يمكن أن يكون بمثابة حاجز وقائي ضد تكرار الأخطاء الشائعة.
  • بناء شبكة علاقات قوية وذات جودة: يؤكد الشيخ بن سعيدان على أن العلاقات هي رأس مال لا يُقدر بثمن في عالم العقار. بناء شبكة علاقات متينة مع المستثمرين، المطورين، الوسطاء الموثوقين، والخبراء في القطاعات ذات الصلة (مثل المحامين والمثمنين)، يفتح الأبواب أمام فرص جديدة ويسهل مسار الصفقات.
  • التحلي بالصبر والمثابرة وعدم اليأس: تُعد هذه الصفات مفتاحية في مجال العقار الذي غالبًا ما يتطلب وقتًا طويلًا لتحقيق الأرباح. الكاتب يُذكر الشباب بأن النجاح لا يأتي بين عشية وضحاها، وأن الطريق قد يكون مليئًا بالتحديات والإحباطات، ولكن الصبر والمثابرة هما ما يميز الناجحين عن غيرهم.
  • البحث عن القيمة المضافة والابتكار: يُنصح الشباب بالابتعاد عن مجرد البحث عن الربح السريع، والتركيز بدلاً من ذلك على الفرص التي يمكنهم من خلالها إضافة قيمة حقيقية للعقارات، سواء كان ذلك من خلال تطويرها، تحسينها، تسويقها بأساليب مبتكرة، أو تقديم خدمات عقارية متميزة.
  • الالتزام بالمبادئ الأخلاقية والشفافية: يُشدد الشيخ بن سعيدان على أن السمعة الطيبة هي الأساس الذي يُبنى عليه النجاح طويل الأمد. الصدق، الأمانة، والشفافية في جميع التعاملات العقارية، تُسهم في بناء الثقة مع العملاء والشركاء، وهي قيم لا يمكن الاستغناء عنها.

فائدة هذه القصص في حياة العقاريين:

تقدم القصص الثلاثة المستقاة من كتاب “حياتي في العقار  رؤى متعددة الأبعاد وفائدة جمة لكل من يعمل في القطاع العقاري، سواء كان مستثمرًا، مطورًا، وسيطًا، أو حتى شابًا طموحًا في بداية طريقه:

  1. تعزيز الرؤية الاستراتيجية: قصة “استشراف المستقبل من دروس الماضي” تعلم العقاريين أهمية التحليل العميق للبيانات التاريخية والتغيرات السوقية. هذا يساعدهم على تطوير رؤية استراتيجية بعيدة المدى، تمكنهم من اتخاذ قرارات استثمارية مدروسة، وتوقع الاتجاهات المستقبلية، بدلًا من مجرد الاستجابة لتقلبات السوق اللحظية. يصبح العقاري قادرًا على رؤية الفرص في التحديات وفهم طبيعة الدورات الاقتصادية.
  2. فهم تأثير السياسات الحكومية والتشريعات: تُقدم قصة “فرض رسوم على الأراضي البيضاء” نموذجًا حيًا لكيفية تأثير السياسات الحكومية والتشريعات الجديدة على ديناميكية السوق العقاري. تُمكن هذه القصة العقاريين من فهم أن نجاحهم ليس منفصلًا عن البيئة التنظيمية، وتُعلمهم أهمية متابعة التشريعات المقترحة وتأثيرها المحتمل على قيمة الأصول وفرص الاستثمار. كما تُوضح كيف يمكن للضغوط الاجتماعية والاقتصادية أن تُجبر الحكومات على اتخاذ قرارات تُعيد تشكيل قواعد اللعبة في السوق.
  3. غرس القيم والمبادئ الأخلاقية والمهنية: “وصايا لشباب عقاريين” ليست مجرد نصائح تقنية، بل هي بوصلة أخلاقية ومهنية. تُغرس هذه الوصايا في العقاريين أهمية الصبر والمثابرة، والتعلم المستمر، وبناء علاقات قائمة على الثقة والشفافية. تُعلمهم أن السمعة الطيبة والأمانة هما ركيزة النجاح المستدام، وأن المعرفة والجهد الشخصي تفوق قيمة رأس المال الأولي في كثير من الأحيان. هذا يساهم في بناء جيل من العقاريين أكثر مهنية ومسؤولية.
  4. تطوير مهارات اتخاذ القرار: من خلال الأمثلة الواقعية، يتعلم العقاريون كيفية تحليل المواقف المعقدة، وتقييم المخاطر، وتحديد الفرص. قصة الأراضي البيضاء مثلاً تُظهر أهمية فهم الدوافع وراء القرارات الحكومية وكيف يمكن للعقاريين التكيف معها والاستفادة منها.
  5. الاستعداد للتحديات والمرونة: تُرسخ هذه القصص فكرة أن سوق العقار ليس خاليًا من التحديات. فمن التغيرات التشريعية إلى مقاومة الملاك، مرورًا بتقلبات السوق، يُدرك العقاري أن المرونة والقدرة على التكيف هما مفتاح الاستمرارية والنجاح.

خاتمة: العقار مهنة الحكمة والصبر

في الختام، يظهر كتاب حياتي في العقار  كمرجع قيم للعقاريين من كل المستويات. فالقصص التي تناولناها – سواء كانت عن استشراف المستقبل من رحم الماضي، أو عن تأثير التشريعات الجذرية مثل رسوم الأراضي البيضاء، أو عن الوصايا الموجهة لجيل الشباب – كلها تُقدم دروسًا عملية وحكمًا عميقة. إنها تُبرز أن النجاح في العقار ليس مجرد حظ أو تراكم للثروة، بل هو نتاج رؤية ثاقبة، وعمل دؤوب، وصبر لا ينفد، والتزام بالقيم والمبادئ.

يدعو الكتاب العقاريين إلى أن يكونوا أكثر من مجرد تجار، بل أن يكونوا مخططين، محللين، وقادة قادرين على فهم تعقيدات السوق وتشكيل مستقبلها. إن هذه القصص بمثابة ضوء كاشف يُضيء الطريق أمام كل من يسعى للتميز والاستدامة في هذا القطاع الحيوي، مؤكدة أن دروس الماضي هي بالفعل مفتاح استشراف المستقبل.

في شبكة عقار،  أحد المنصات المرخصة من الهيئة العامة للعقار، نؤمن بأن شراكتنا هي أساس نجاحكم في السوق العقاري. نقدم لكم مجموعة متكاملة من الخدمات، تشمل باقات المطورين والمستثمرين، وعضويات المؤسسات العقارية والوسطاء، وخدمات التصوير والإنتاج والتصميم والتسويق الاحترافية، بالإضافة إلى الخدمات التقنية المتكاملة وتوثيق العقود الإيجارية عبر منصة إيجار. دعونا نكن شركاء في رحلتكم نحو تحقيق أفضل النتائج.

و سواء كنت شركة أو فردًا، وتبحث عن حلول عقارية احترافية، فإن شبكة عقار هي خيارك الأمثل. اترك التفاصيل علينا، فنحن نتولى كل شيء بكفاءة واحترافية. تواصل معنا عبر نموذج تسويق العقار أو نموذج طلب العقار، أو عبر الواتساب أو نموذج اتصل بنا، ودعنا نجعل تجربتك العقارية سلسة ومريحة.

لا تقتصر فائدة مدونتنا على هذا المقال فقط. ندعوك لاستكشاف أقسامنا المتنوعة حول التسويق العقاري والمؤشرات العقارية والمزادات العقارية وغيرها ، حيث تجد تحليلات مفصلة وأخبارًا محدثة ونصائح قيّمة تخدم كل العاملين في القطاع العقاري والمهتمين به. اكتشف آفاقًا جديدة لمعرفتك.

اشترك في النقاش


مقارنة العقارات

قارن