أعلن المهندس عبد الله الحماد، الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للعقار، عن تغيير جوهري في فلسفة القطاع العقاري بالمملكة، يمثل تحولاً جذرياً في قواعد اللعبة الاستثمارية. هذا التغيير يمكن تلخيصه في العبارة التالية: “الانتقال من سعر متر الأرض إلى سعر المنتج”. ويؤكد الحماد أن الهدف الأساسي للهيئة هو ألا تكون “الأرض سلعة”، بل يجب أن يتم الاستثمار في “المنتج” النهائي.
عبد الله الحماد يكشف: لماذا أصبحت رسوم الـ10% نقطة التحول الأكبر في تاريخ القطاع العقاري؟
الأرض… من “الولد البار” إلى “العبء المكلف”
كانت الثقافة السائدة في الوعي الجمعي السعودي تعتبر الاستثمار في الأراضي هو “المخزن الآمن للثروة” أو “الولد البار”، حيث تُستخدم الأرض كمجرد أداة للمضاربة وتحقيق أرباح سريعة دون تطوير. يرى عبد الله الحماد أن هذا السلوك كان سلبياً على الاقتصاد، وقد انتهى زمنه. ويوضح أن الأرض أصبحت الآن “تكلفة” و”عبء”، وغير مجدية للاستثمار، بل ومعرضة للنزول.
لذلك، قدم عبد الله الحماد بدائل استثمارية صحية ومحوكمة تخدم الاقتصاد الوطني والمستثمر على حد سواء:
-
البيع على الخارطة: يعتبر هذا المنتج هو “أفضل بديل” للاستثمار في الأراضي، حيث إنه محوكم بقوانين وإجراءات معينة، ويحقق إضافة، ويتمتع بمعدل نمو محدد في السعر بعد اكتمال المشروع.
-
الصناديق والمساهمات العقارية: هي أدوات أخرى تتيح الاستثمار في القطاع العقاري بطرق منظمة ومؤسسية.
رسوم الأراضي البيضاء: الأداة لتحقيق التوازن والنسبة الذهبية
تُعتبر “رسوم الأراضي البيضاء” هي الأداة التنظيمية الأقوى التي استخدمتها الهيئة لفرض هذا التحول. ويرى ملاك الأراضي أن هذه الرسوم “قاسية” (التي تصل إلى 10% سنوياً من قيمة الأرض). ورداً على ذلك، يوضح عبد الله الحماد أن الرسوم لا تكون قاسية إلا إذا نُظر إلى الأرض على أنها مجرد سلعة، أما من يطور الأرض “فلن يتعرض لقساوة الرسم”.
ولضمان سلامة القطاع، يجب أن تكون هناك نسبة “صحية” لتكلفة الأرض إلى سعر المنتج النهائي. ووفقاً للدراسات في الهيئة، يجب أن تتراوح هذه النسبة عالمياً ما بين 30% إلى 40% كحد أقصى. ولكن في الرياض، يتجاوز متوسط تكلفة الأرض على المنتج 50%، مما يؤكد حجم التشوه الذي كان قائماً.
حل تحديات الملاك والورثة:
لم تكتفِ الهيئة بفرض الرسوم، بل وفرت حلولاً لمعالجة التحديات، خصوصاً للورثة الذين لا يملكون الخبرة أو السيولة لتطوير أراضيهم. وقد أُطلقت منصتان لمساعدة الملاك:
-
منصة “تحفيز”: أطلقتها الشركة الوطنية للإسكان (NHC)، وتوفر للمالك خدمة دراسة الأرض، وتوفير المطور المناسب، والتمويل، والخبرة اللازمة لعملية التطوير.
-
منصة “بشت”: التابعة لشركة المشاريع السعودية، والتي تدرس الأرض وتحللها وتعرضها على مطورين مؤهلين ومحددين، وتوفر التمويل لتبدأ عملية التطوير.
ويؤكد عبد الله الحماد على أن وزارة البلديات والإسكان “صارمة في تطبيق رسوم الأراضي البيضاء”، وأن هذا الملف هو الأهم على طاولة الوزير يومياً، ولن يكون هناك أي تساهل في تطبيقه.
تمكين المطور العقاري: أدوات التمويل والتراخيص
في ظل النظرة الجديدة التي تضع المطور في صدارة المشهد الاستثماري، عملت المنظومة على إزالة العوائق التي تواجهه، وأهمها التمويل وقيمة الوقت في الحصول على التراخيص.
-
دعم التمويل: لمواجهة تحدي السيولة، تم إنشاء الشركة السعودية لإعادة التمويل (SRC)، والتي تعمل على توفير سيولة إضافية للبنوك والمقرضين من خلال إعادة تمويل المحافظ القائمة (البالغة قيمتها 961 مليار ريال). وقد وفرت الشركة بالفعل 50 مليار ريال، وتستهدف توفير 160 مليار ريال بحلول عام 2030، مما يضمن استمرار تدفق التمويل للمشاريع التطويرية.
-
تسريع التراخيص: لمعالجة مشكلة التأخير “غير العادي” في التراخيص، والتي قد تصل إلى سنة لبعض الإجراءات:
-
تم تأسيس مركز “إتمام” لخدمات المطورين، وهو مركز شامل يدعم المطور في الحصول على التراخيص من الأمانات وشركات الخدمات (كالكهرباء والمياه)، بقرار صادر من مجلس الوزراء.
-
كما شُكلت لجنة برئاسة معالي الوزير ماجد الحقيل لمتابعة ومعالجة أي تحدٍ أو تأخير في عملية الترخيص يتم تصعيده من مركز “إتمام”
-
-
إتاحة البيانات: لم يعد هناك “احتكار للبيانات”. فاليوم، يمكن للمطورين ورواد الأعمال الحصول على المعلومات عبر قنوات الهيئة وبوابات البيانات المفتوحة، بالإضافة إلى مبادرات مثل “مركز بروبتك السعودية” التابع لـ NHC، الذي يخدم المبتكرين.
خاتمة حول استقرار السوق والتشريعات
في مجال الوساطة العقارية، تؤكد الهيئة على الشراكة مع الوسيط السعودي المرخص، الذي يُعد “حلقة الوصل بين العرض والطلب”. وتحذر الهيئة بشدة من التعامل مع الوسطاء الأجانب غير المرخصين، حيث لا يُسمح للأجنبي بالترخيص في الوساطة. وقد تجاوز عدد عقود الوساطة المُبرمة عبر المنصة مليون عقد، بعمولات تزيد عن 680 مليون ريال، مما يؤكد أهمية الدور التشريعي في حفظ الحقوق.
أما عن مستقبل القطاع، فقد أكد عبد الله الحماد أن جميع التشريعات والأنظمة العقارية الأساسية قد صدرت، ولا يوجد أي قرارات أو تشريعات إضافية جديدة. والتركيز الآن هو على التطبيق، واستقرار التشريع، والتطوير النوعي للمنتج. وتعمل المنظومة الآن على مراقبة المدن الكبرى الأخرى (مكة، المدينة، جدة، الدمام) لضمان عدم تكرار ما حدث في الرياض، من خلال إصدار “المؤشرات العقارية” التي ستكون متاحة للعموم والمستثمرين في عام 2026، لتكون بمثابة “ضغط وسكر” السوق، والحكم على سلامته وصحته بشكل مستمر.
وقد جاء هذا التحليل الشامل لمستقبل وحوكمة القطاع العقاري ضمن حلقة “هيئة العقار في الصورة” من برنامج “في الصورة“، والتي استضافت الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للعقار، المهندس عبد الله الحماد، وأجراها الإعلامي عبد الله المديفر.
في شبكة عقار، أحد المنصات المرخصة من الهيئة العامة للعقار، نؤمن بأن شراكتنا هي أساس نجاحكم في السوق العقاري. نقدم لكم مجموعة متكاملة من الخدمات، تشمل باقات المطورين والمستثمرين، وعضويات المؤسسات العقارية والوسطاء، وخدمات التصوير والإنتاج والتصميم والتسويق الاحترافية، بالإضافة إلى الخدمات التقنية المتكاملة وتوثيق العقود الإيجارية عبر منصة إيجار. دعونا نكن شركاء في رحلتكم نحو تحقيق أفضل النتائج.
و سواء كنت شركة أو فردًا، وتبحث عن حلول عقارية احترافية، فإن شبكة عقار هي خيارك الأمثل. اترك التفاصيل علينا، فنحن نتولى كل شيء بكفاءة واحترافية. تواصل معنا عبر نموذج تسويق العقار أو نموذج طلب العقار، أو عبر الواتساب أو نموذج اتصل بنا، ودعنا نجعل تجربتك العقارية سلسة ومريحة.
لا تقتصر فائدة مدونتنا على هذا المقال فقط. ندعوك لاستكشاف أقسامنا المتنوعة حول التسويق العقاري والمؤشرات العقارية والمزادات العقارية وغيرها ، حيث تجد تحليلات مفصلة وأخبارًا محدثة ونصائح قيّمة تخدم كل العاملين في القطاع العقاري والمهتمين به. اكتشف آفاقًا جديدة لمعرفتك.