حي العطاشى، المعروف قديمًا بـ”العلية” و”الحسايب”، يشكّل إحدى المحطات اللافتة في النسيج العمراني لمدينة الرياض. فهو حي لا تروي قصته مجرد تطورات تخطيطية حكومية، بل تسجّل مثالًا حيًا على كيف يمكن للمجتمع أن يصنع تحوّله بيده.
في بداياته، كان حي العطاشى يفتقر لأبسط الخدمات، وعلى رأسها الماء والكهرباء، لكن بفضل مبادرات سكّانه وروّاد العقار فيه، تحوّل من منطقة مهمّشة إلى حي نابض بالحياة.
قصة هذا الحي كما يرويها بودكاست “ذاكرة عقارات الرياض المنسية”، تقدّم نموذجًا فريدًا لتحوّل عمراني بدأ من كاريكاتير ساخر… وانتهى بمشروع تنموي متكامل.
من هو مؤسس حي العطاشى؟
يعود الفضل في تأسيس هذا الحي إلى مبادرة مجموعة من رواد العقار في الرياض، وهم الجماز، الراشد، أبو سعيدان، وعبدالعزيز الموسى، الذين أسسوا ما عُرف لاحقًا بـ”مؤسسة بدر” عام 1387هـ (1967م). كانت بداية الفكرة خلال لقاء ودي، حين طرح أحدهم فكرة تأسيس مكتب عقاري بسيط. بالفعل جمعوا مبلغًا قدره 5,000 ريال وفتحوا أول مكتب لهم في حي البديعة.
حي بلا ماء ولا كهرباء… “العطاشى” اسم يعكس الواقع
في بداياته، عانى الحي من نقص حاد في الخدمات الأساسية، وخاصة الماء والكهرباء. كان السكان في أمسّ الحاجة إلى إيصال هذه الخدمات، لكن لم تكن هناك استجابة رسمية فورية. فما كان من الرسام علي الخرجي – وهو أحد سكان الحي – إلا أن ابتكر فكرة جريئة: رسم كاريكاتير ساخر يُبرز معاناة السكان وسماه “حي العطاشى”، في إشارة إلى انعدام الماء.
لاحقًا، كبر إبراهيم السعيدان هذه الرسمة وعلقها عند مدخل حي المعذر، حتى رآها الملك فيصل بنفسه، وأمر بتشكيل لجنة عاجلة للنظر في وضع الحي.
كيف تفاعل المجتمع؟
حين علم الأهالي أن لجنة ستزور الحي، نظّموا حملة مجتمعية ذكية:
-
طلبوا من الأطفال ركوب الدراجات والتجول في الطرقات
-
وحثّوا النساء على التزاور فيما بينهن
-
وكل ذلك لإظهار أن الحي “قائم فعليًا” ومأهول بالسكان
نجحت هذه الخطة، وكتبت اللجنة تقريرًا إيجابيًا أدى إلى بدء إيصال الخدمات الأساسية.
الطفرة العقارية ونقطة التحوّل
تزامنت هذه الجهود مع بداية الطفرة الاقتصادية في نهاية السبعينات الميلادية، وظهور الصندوق العقاري، ما ساعد الأهالي على بناء منازلهم والاقتراض بشكل منظم. كما قامت وزارة المالية بمنح أراضٍ في الموقع، وتم بناء عدد كبير من الوحدات السكنية على يد عبدالعزيز الموسى بالتعاون مع المطورين.
وهكذا، تحول “حي العطاشى” من منطقة تعاني من العطش والخدمات المعدومة، إلى حي نابض بالحياة والنمو العمراني، يواكب باقي أحياء الرياض المزدهرة.
التسمية: من “العطاشى” إلى “الحسايب”
تعددت الأسماء التي أُطلقت شعبيًا على هذا الحي:
-
العطاشى: نسبةً إلى معاناتهم من انقطاع المياه
-
الحسايب: البعض أطلقه ساخرًا من كثرة الحسبة في العقارات؛ البعض ندم لأنه لم يشترِ، وآخرون ندموا لأنهم لم يشتروا قطعة ثانية
كلها أسماء تعبّر عن مشاعر متضاربة رافقت تجربة تأسيس الحي بين الإحباط والأمل
خاتمة
إن قصة حي العطاشى تثبت أن التنمية الحضرية ليست حكرًا على القرارات الرسمية، بل هي نتيجة تفاعل المجتمع والمبادرات الفردية. فقد شكّل تعاون السكان، مع تدخل القيادة الرشيدة، نقطة تحوّل لحي كان مهمشًا، ليصبح رمزًا للصبر والإصرار المجتمعي.
وقد وُثقت هذه القصة وغيرها في بودكاست “ذاكرة عقارات الرياض المنسية“، الذي يقدّمه الإعلامي منصور العساف، ويستضيف فيه الباحث في التاريخ والعمران منصور الشويعر، ليقدّما لنا دروسًا من قلب ذاكرة الرياض، تُلهم كل من يعمل في قطاع العقار أو يهتم بتاريخ .
في شبكة عقار، أحد المنصات المرخصة من الهيئة العامة للعقار، نؤمن بأن شراكتنا هي أساس نجاحكم في السوق العقاري. نقدم لكم مجموعة متكاملة من الخدمات، تشمل باقات المطورين والمستثمرين، وعضويات المؤسسات العقارية والوسطاء، وخدمات التصوير والإنتاج والتصميم والتسويق الاحترافية، بالإضافة إلى الخدمات التقنية المتكاملة وتوثيق العقود الإيجارية عبر منصة إيجار. دعونا نكن شركاء في رحلتكم نحو تحقيق أفضل النتائج.
و سواء كنت شركة أو فردًا، وتبحث عن حلول عقارية احترافية، فإن شبكة عقار هي خيارك الأمثل. اترك التفاصيل علينا، فنحن نتولى كل شيء بكفاءة واحترافية. تواصل معنا عبر نموذج تسويق العقار أو نموذج طلب العقار، أو عبر الواتساب أو نموذج اتصل بنا، ودعنا نجعل تجربتك العقارية سلسة ومريحة.
لا تقتصر فائدة مدونتنا على هذا المقال فقط. ندعوك لاستكشاف أقسامنا المتنوعة حول التسويق العقاري والمؤشرات العقارية والمزادات العقارية وغيرها ، حيث تجد تحليلات مفصلة وأخبارًا محدثة ونصائح قيّمة تخدم كل العاملين في القطاع العقاري والمهتمين به. اكتشف آفاقًا جديدة لمعرفتك.