حياتي في العقار هو كنز معرفي لا يُقدر بثمن، يفتحه لنا الشيخ إبراهيم بن سعيدان، الرجل الذي قضى عقوداً طويلة يجوب دروب السوق العقاري، ويُسطر بمداد تجربته الثرية دروساً لا تُنسى. من خلال صفحات هذا الكتاب القيم، لا يُقدم لنا الشيخ بن سعيدان مجرد نظرات عابرة، بل يُشاركنا خلاصة تجاربه العميقة وتحدياته التي صقلت رؤيته، ليضع بين أيدي جيل الشباب الطامح في القطاع العقاري، خارطة طريق متكاملة، لا تُرشد فقط نحو الربح المادي، بل نحو التميز المهني والأخلاقي.
هذه الوصايا، المستنبطة من قلب الميدان، تُعالج جوانب متعددة تبدأ من أسس التعامل الأخلاقي الذي هو عماد كل نجاح، مروراً باستراتيجيات الاستثمار الذكي القائمة على البصيرة والتحليل، وصولاً إلى فن إدارة الفرص واحتواء المخاطر في سوق دائم التقلب، مع تركيز خاص على أهمية صقل المهارات العملية، والتحلي بالصبر، والإيمان بأن التوكل على الله هو سر التوفيق في كل مسعى.
المحور الأول: المبادئ التأسيسية للنجاح العقاري
يرسخ الشيخ إبراهيم بن سعيدان في مستهل وصاياه، كما هي واضحة في فلسفة “حياتي في العقار”، ركيزتين أساسيتين يرى أنهما حجر الزاوية للتميز في عالم العقار: النزاهة في التعامل والرؤية الاستثمارية المستقبلية.
1. الصدق والأمانة: أساس الثقة والعلاقات المستدامة
يُشدد الكاتب بقوة على أن “الصدق في التعامل مع الآخرين، عملاء أو زملاء” هو المبدأ الأول والأكثر أهمية. في سوق يعتمد بشكل كبير على الثقة المتبادلة بين الأطراف، يصبح الصدق ليس مجرد فضيلة أخلاقية، بل هو استراتيجية عمل حاسمة على المدى الطويل. بناء سمعة طيبة قائمة على الشفافية والوفاء بالوعود يضمن استمرارية الأعمال، ويجذب العملاء المخلصين، ويفتح أبواباً لفرص جديدة. العميل الذي يختبر صدق العقاري، سيصبح سفيراً له، مما يعزز شبكة العلاقات المهنية ويُرسخ مكانته في السوق. هذه القناعة تُمثل جوهراً لما يعكسه “حياتي في العقار” عن أهمية القيم.
2. الاستثمار في الضواحي الواعدة: رؤية استباقية للنمو
أما الوصية الثانية، فتكشف عن بُعد استراتيجي عميق في الاستثمار العقاري، وهو ما يُبرزه الأستاذ بن سعيدان مراراً في “حياتي في العقار”: “عليك أن تركز على أمرين مهمين عند الشراء، الأول هو أن تبحث عن الأراضي الأقل سعراً في الضواحي، البعيدة عن العمران”.
هذه النصيحة تُبرز فهم الشيخ بن سعيدان لديناميكيات النمو العمراني. فالضواحي، التي قد تبدو اليوم بعيدة أو غير جذابة، هي مناطق التوسع الطبيعي للمدن في المستقبل. الاستثمار فيها بأسعار منخفضة يُعد فرصة ذهبية، لأنها مرشحة للنمو والتطور السريع، لتتحول بمرور الوقت إلى مناطق حيوية مزدهرة. ومع اكتمال الخدمات وتزايد الكثافة السكانية، يرتفع سعر هذه الأراضي “بمراحل من الأراضي التي تكون داخل النطاق العمراني مكتمل الخدمات”. هذه الرؤية تتطلب صبراً، وقدرة على قراءة المستقبل العمراني، والتحلي بالشجاعة للاستثمار حيث لا يرى الآخرون سوى الفراغ.
المحور الثاني: إدارة الفرص والمخاطر في ديناميكية السوق العقاري
يُقدم الشيخ بن سعيدان إرشادات عملية حول كيفية التعامل مع تقلبات السوق، مؤكداً على أهمية اغتنام الفرص والتحلي بالثبات في مواجهة التحديات، وهي دروس مستقاة من صميم “حياتي في العقار”.
3. اغتنام الفرص: بين الخاص والعام
يُعلمنا الشيخ بن سعيدان أن “الرجل العقاري الناجح منتهزاً للفرص، فلا يترك أي فرصة سانحة تفلت منه”. ويُصنف الفرص إلى نوعين أساسيين:
- الفرص الخاصة: تنشأ من “ظروف المالك العاجلة”، كالحاجة الملحة للمال النقدي. هذه الظروف تدفع المالك لبيع عقاره بسرعة، مما يتيح للمشتري الذكي فرصة الحصول على العقار بسعر مميز. هنا تبرز أهمية سرعة البديهة، والقدرة على تقييم الموقف، والاستعداد للتحرك الفوري.
- الفرص العامة: تنجم عن “انخفاض أسعار العقار بشكل عام”، والذي يمكن أن يكون مدفوعاً بـ”أسباب سياسية، كالحروب والصراعات، أو لأسباب اقتصادية، كانخفاض الإنفاق الحكومي، وتباطؤ النمو الاقتصادي، أو انخفاض أسعار البترول، أو تحول السيولة المتوفرة في السوق إلى قطاع الأسهم، أو غير ذلك”. يُنظر إلى هذه الظروف غالباً على أنها تحديات، لكن الأستاذ بن سعيدان يُعيد تأطيرها كفرص استثمارية لا تعوض لمن يمتلك السيولة والقدرة على الصمود والشراء بأسعار منخفضة.
4. الثبات في مواجهة الانكماش: رؤية طويلة المدى (أكثر من 10 سنوات)
يُقدم الشيخ بن سعيدان نصيحة حاسمة لشباب العقاريين عند تراجع السوق: “يجب على العقاري الشاب ألا يخاف ويصاب بالذعر، عند حدوث أسباب خارجية تؤدي إلى انخفاض أسعار العقار”. يُحذر من “الهروب شبه الجماعي” من السوق، والذي يؤدي إلى “زيادة العرض على الطلب، وبالتالي المزيد من الخسائر”. هنا تكمن الحكمة في الإيمان بأن “اتجاه السوق العقاري، بشكل عام، هو اتجاه تصاعدي، عند حساب معدل نموه على مدى عشر سنوات على الأقل”. هذه الرؤية طويلة المدى تُعد درساً مهماً في الصبر وعدم الانجراف وراء الهلع. الأزمات هي دورات طبيعية في الأسواق، ومن يبقى ثابتاً ويغتنم الفرص خلالها، هو من يجني الثمار الأكبر عند تعافي السوق، وهو ما أكد عليه في صفحات “حياتي في العقار”.
المحور الثالث: صقل المهارات واكتساب الخبرة العملية
يُدرك الشيخ بن سعيدان أن المعرفة النظرية لا تكفي للنجاح في هذا الميدان، مؤكداً على الأهمية القصوى للخبرة الميدانية المباشرة، وهذا ما تعكسه بوضوح كل صفحة في “حياتي في العقار”.
5. التدريب العملي: استثمار في المستقبل المهني (ولو مجاناً)
يوجه نصيحة قيمة لشباب العقاريين صغار السن: “عليهم أن يقبلوا العمل في المكاتب العقارية المتميزة حتى لو مجاناً، ودون مقابل، لأنهم مع صبرهم وطموحهم سيصنعون بداياتهم المبكرة عن طريق الظفر بقيمة السعي (السمسرة) مقابل العقار الذي يجلبون له المشتري المناسب”. هذه التجربة، وإن كانت بلا مقابل مادي مباشر في البداية، هي استثمار لا يُقدر بثمن في اكتساب المعرفة العملية، والتعرف على خفايا السوق، وبناء شبكة علاقات قوية. إنها فرصة لتعلم آليات السوق، فن التعامل مع العملاء، استراتيجيات التفاوض، وإدارة الصفقات من الألف إلى الياء.
6. المعرفة التراكمية وبناء العلاقات: رأس المال البشري
يُشدد الشيخ بن سعيدان على أن “الكثير من المعارف والخبرات العقارية… لا يمكن اكتسابها إلا مع الوقت، والكثير من التجارب العملية”. هذا التأكيد يُبرز أن التعلم في المجال العقاري هو عملية مستمرة وتراكمية. كل صفقة، كل تحدٍ، كل تفاعل مع عميل أو زميل، يُثري خبرة العقاري ويُضيف إلى معارفه. العقاري الناجح هو متعلم دائم، يسعى لاكتشاف كل جديد في السوق، ويتكيف مع تغيراته، ويُصقل مهاراته من خلال الممارسة المستمرة. كما يُشير إلى أن “العمل العقاري يعتمد على الصدق والصداقات مع الآخرين”، مؤكداً على أهمية بناء علاقات قوية ووطيدة كجزء أساسي من رأس المال البشري للعقاري، وهي دروس تلقاها في “حياتي في العقار”.
المحور الرابع: التحديات النفسية والتوكل على الله
لا يغفل الشيخ بن سعيدان الجانب النفسي والسلوكي في رحلة العقاري، محذراً من الطمع ومؤكداً على أهمية الصبر والتوكل، وهي محاور أساسية تناولها في كتابه “حياتي في العقار”.
7. الحذر من فخ الطمع والتوكل على الله: قمة الحكمة
يقدم الشيخ بن سعيدان تحذيراً بالغ الأهمية من آفة “الطمع” الذي قد “يقوده… إلى إفشالها، وخسارة علاقات جديدة مع عقاريين جدد”. ويضرب مثلاً بليغاً بصياد السمك الذي قد ينتظر طويلاً ليصطاد سمكة سمينة بدلاً من التشتت. هذا المثل يُجسد أهمية التركيز والصبر. فالسعي وراء كل الفرص المتاحة دون تركيز قد يؤدي إلى خسارة الجميع. الطمع قد يُعمي البصيرة، ويدفع إلى اتخاذ قرارات متسرعة وغير مدروسة.
ويختتم الشيخ إبراهيم بن سعيدان وصاياه بنصيحة بالغة الأهمية، منسوبة لوالده، تُجسد قمة الحكمة والإيمان: “إذا عزمت على شراء عقار، وارتجت له، فلا تستشر فيه أحداً، لأنك إن استشرت أحداً، فسيعطيك ملحوظات تحرمك من هذه الفرصة العقارية، ﴿فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ﴾”. هذه النصيحة لا تعني رفض المشورة بالمطلق، بل هي تحذير من التردد المفرط بعد اتخاذ القرار والاقتناع بالفرصة. إنها دعوة للثقة في حدسك وقرارك بعد الدراسة المتأنية، ثم التوكل الكامل على الله في إتمامه. هذه القناعة هي جوهر الدروس المستفادة من “حياتي في العقار”.
خاتمة: إرث “حياتي في العقار” لجيل المستقبل
إن “وصايا لشباب العقاريين” المستلهمة من كتاب “حياتي في العقار” للأستاذ إبراهيم بن سعيدان، تُقدم دليلاً شاملاً يمزج بين الحكمة العملية، والرؤية الاستراتيجية، والبعد الأخلاقي، والاعتماد على الله. إنها ليست مجرد إرشادات لكيفية تحقيق الربح، بل هي فلسفة متكاملة للنجاح في الحياة المهنية والشخصية. الشاب العقاري الذي يتبنى هذه المبادئ، ويتحلى بالصدق، والصبر، والرؤية المستقبلية، ويُجاهد لاكتساب الخبرة، ويتعامل بحكمة مع الفرص والمخاطر، ويتجنب الطمع، ويُحسن التوكل على الله، سيكون بلا شك من رواد التميز والنجاح في هذا القطاع الحيوي والمتغير. إنها دعوة لرحلة تعلم مستمرة، تتراكم فيها الخبرات، وتُصقل فيها المهارات، وتُتوج بالإنجازات المستدامة، لتترك بصمة إيجابية مستلهمة من جوهر “حياتي في العقار”.
في شبكة عقار، أحد المنصات المرخصة من الهيئة العامة للعقار، نؤمن بأن شراكتنا هي أساس نجاحكم في السوق العقاري. نقدم لكم مجموعة متكاملة من الخدمات، تشمل باقات المطورين والمستثمرين، وعضويات المؤسسات العقارية والوسطاء، وخدمات التصوير والإنتاج والتصميم والتسويق الاحترافية، بالإضافة إلى الخدمات التقنية المتكاملة وتوثيق العقود الإيجارية عبر منصة إيجار. دعونا نكن شركاء في رحلتكم نحو تحقيق أفضل النتائج.
و سواء كنت شركة أو فردًا، وتبحث عن حلول عقارية احترافية، فإن شبكة عقار هي خيارك الأمثل. اترك التفاصيل علينا، فنحن نتولى كل شيء بكفاءة واحترافية. تواصل معنا عبر نموذج تسويق العقار أو نموذج طلب العقار، أو عبر الواتساب أو نموذج اتصل بنا، ودعنا نجعل تجربتك العقارية سلسة ومريحة.
لا تقتصر فائدة مدونتنا على هذا المقال فقط. ندعوك لاستكشاف أقسامنا المتنوعة حول التسويق العقاري والمؤشرات العقارية والمزادات العقارية وغيرها ، حيث تجد تحليلات مفصلة وأخبارًا محدثة ونصائح قيّمة تخدم كل العاملين في القطاع العقاري والمهتمين به. اكتشف آفاقًا جديدة لمعرفتك.