...
عقارية

بن سعيدان 4 دروس عقارية : بين أراضي المنح وتوقيت الاستثمار

دروس عقارية ملهمة تنبض بها صفحات كتاب “حياتي في العقار” للسيد إبراهيم محمد بن سعيدان، حيث لا يكتفي الكاتب بسرد أحداث حياته، بل يصوغ من تجاربه الشخصية والمهنية محطات مليئة بالحكمة والرؤية الاستراتيجية. بعد أن استعرضنا القصص الأربعة عشر الأولى، التي تناولت نشأته، وتحدياته المبكرة، وبداياته في الاستثمار، وإدارته للأزمات، وصولاً إلى تشكيل رؤيته العقارية، ننتقل الآن إلى أربع قصص جديدة (من 15 إلى 18)، تحمل في طياتها دروساً ثرية حول أساليب العمل، وتحديد الأهداف الاستثمارية، وابتكار الاستراتيجيات في بيئة عقارية دائمة التغير.

أذهب حالما ينصرف الآخرون: فن اغتنام الفرص الفريدة

في هذه القصة من كتاب حياتي في العقار، يكشف الكاتب عن أحد مبادئه الأساسية، ليس فقط في العمل العقاري، بل في فلسفته الحياتية بأكملها: “أذهب حالما ينصرف الآخرون”. هذه العبارة تُجسد بوضوح فلسفة استثمارية عميقة تتمحور حول القدرة على رؤية الفرص الحقيقية في الأوقات التي يكون فيها السوق هادئًا، أو عندما يتراجع فيها المستثمرون الآخرون بسبب الخوف أو عدم اليقين. إنها تعكس منهجاً استباقياً يتجنب الازدحام والمنافسة الشديدة التي عادة ما تصاحب الاستثمارات الشائعة، والتي غالبًا ما تكون قد فقدت جزءًا كبيرًا من عوائدها المحتملة.

يروي الكاتب كيف أن قراراته بالتحرك في أوقات غير تقليدية، بعيداً عن ضجيج السوق واندفاع المستثمرين، كانت سبباً رئيسياً في تحقيق نجاحات كبيرة وغير متوقعة. هذه الاستراتيجية تتطلب قدراً عالياً من الشجاعة، والثقة بالنفس، والقدرة على تحليل السوق بشكل مستقل، دون التأثر بالضغوط الخارجية أو التوجهات العامة. فالكثير من المستثمرين يميلون إلى اتباع “القطيع”، واللحاق بالاستثمارات الرائجة بعد أن تكون أسعارها قد ارتفعت بالفعل.

أما الكاتب، فقد كان يفضل الدخول إلى السوق عندما يكون الآخرون في حالة تردد أو خروج، مما يسمح له بالحصول على أصول ذات قيمة بأسعار أفضل. هذه القصة تؤكد على أهمية التفرد، والتفكير خارج الصندوق، والجرأة في اتخاذ قرارات استثمارية جريئة بناءً على تحليل عميق ورؤية مستقبلية، بدلاً من اتباع القطيع والانسياق وراء التقلبات العاطفية للسوق. إنها درسٌ في البحث عن القيمة الحقيقية عندما تكون مخفية عن الأنظار.

 حكاية الاستراحات وأسبابها!: تحليل دقيق لديناميكيات السوق الجديدة

تتناول هذه القصة، من كتاب حياتي في العقار، ظاهرة “الاستراحات” في السوق العقاري السعودي، وتُحلل “أسبابها!” بعمق. تُشير الاستراحات عادة إلى عقارات تُستخدم للترفيه أو الإجازات القصيرة، وغالبًا ما تكون خارج النطاق العمراني المزدحم، وتختلف بطبيعتها عن العقارات السكنية أو التجارية التقليدية التي تُركز على السكن الدائم أو الأعمال. يسرد الكاتب كيفية نشأة هذه الظاهرة وتطورها، والعوامل الاجتماعية والاقتصادية التي أدت إلى انتشارها وزيادة الطلب عليها بشكل ملحوظ. قد يكون ذلك مرتبطاً بالتوسع العمراني، أو تغير أنماط الحياة، أو البحث عن متنفس خارج ضغوط المدينة.

تُظهر هذه القصة ببراعة قدرة الكاتب على تحليل ديناميكيات السوق العقاري المتغيرة وتحديد الاحتياجات غير التقليدية للعملاء. لم يكتفِ بمراقبة السوق التقليدي، بل تعمق في فهم الدوافع التي تُحرك فئة معينة من المستهلكين نحو هذا النوع من العقارات. إنها تُبرز أهمية فهم العوامل الثقافية والاجتماعية التي تؤثر على تفضيلات المستهلكين وتُشكل أنماط الطلب العقاري. كما أنها تُوضح كيف أن الاستثمار في هذا النوع من العقارات، الذي قد يبدو غير تقليدي للبعض، يمكن أن يُحقق عوائد جيدة جداً إذا ما تم فهم أسباب الطلب عليها بشكل صحيح. الكاتب هنا يُقدم درساً مهماً في مرونة الاستثمار العقاري، والقدرة على التكيف مع التغيرات في أنماط الحياة والاحتياجات المجتمعية، وكيفية تحويل هذه الاحتياجات إلى فرص استثمارية ناجحة.

 أبحث عن (الدخل) ولا أبحث عن (رأس المال): استراتيجية استثمارية راسخة

في هذه القصة، يُفصح الكاتب عن استراتيجية استثمارية محددة وراسخة اعتمدها طوال مسيرته المهنية: “أبحث عن (الدخل) ولا أبحث عن (رأس المال)”. هذه الجملة تُعد جوهر فلسفته الاستثمارية، وتُظهر فهماً عميقاً لأهداف الاستثمار العقاري. فبدلاً من التركيز حصرياً على العقارات التي يُتوقع أن ترتفع قيمتها بشكل كبير في المستقبل لتحقيق أرباح رأسمالية سريعة (رأس المال)، يُركز الشيخ بن سعيدان على العقارات التي تُدر عوائد إيجارية منتظمة ومستمرة (الدخل).

هذه الاستراتيجية تُشير إلى تفضيل الكاتب للاستقرار المالي والتدفقات النقدية الثابتة، والتي تُمكنه من إدارة أعماله بمرونة أكبر وتُقلل من تعرضه لتقلبات السوق التي قد تؤثر على قيمة الأصول.

يروي الشيخ بن سعيدان كيف أن هذا النهج قد وفّر له استقراراً مالياً كبيراً، ومكّنه من تنويع استثماراته، وتقليل المخاطر الإجمالية لمحفظته العقارية. فالعقارات التي تُدر دخلاً ثابتاً تُعد ملاذاً آمناً في أوقات التباطؤ الاقتصادي أو تصحيح السوق. إنها تُقدم درساً مهماً للعقاريين حول أهمية تحديد الأهداف الاستثمارية بوضوح تام قبل الشروع في أي صفقة. هل الهدف هو النمو السريع لرأس المال مع تحمل مخاطر أكبر؟ أم هو الاستقرار والتدفق النقدي المستمر؟ هذا التحديد يُساعد في اختيار أنواع العقارات المناسبة، والمواقع الملائمة، وتطوير استراتيجيات الاستثمار الأكثر فاعلية لتحقيق تلك الأهداف المحددة، مما يضمن استمرارية العمل العقاري وربحيته على المدى الطويل.

 الاستحواذ على (أراضي المنح): استغلال الفرص الحكومية والتخطيط للمستقبل

تتناول هذه القصة، من كتاب حياتي في العقار، موضوعاً مهماً في السوق العقاري السعودي، وهو “الاستحواذ على (أراضي المنح)”. أراضي المنح هي الأراضي التي تُقدمها الدولة للمواطنين كجزء من برامج التنمية، أو تُخصصها لجهات معينة لتحقيق أهداف التخطيط العمراني. يروي الكاتب كيف تمكن من الاستحواذ على هذه الأراضي، وما هي التحديات والفرص المرتبطة بذلك، وكيف استغلها لتحقيق مكاسب كبيرة. هذه القصة تُبرز قدرة الكاتب الفائقة على فهم اللوائح الحكومية المتعلقة بالأراضي، والقدرة على استغلال الفرص التي تُقدمها الدولة في إطار التنمية الحضرية والتوسع العمراني للمدن.

كما أنها تُسلط الضوء على أهمية العلاقات الجيدة مع الجهات المعنية، والمعرفة الدقيقة بالإجراءات القانونية والإدارية المتعلقة بالعقارات الحكومية، والتي قد تكون معقدة وتتطلب خبرة خاصة. الكاتب هنا يُظهر مهارته في التعامل مع مختلف أنواع الأصول العقارية، وكيف أن فهم سياسات التخطيط العمراني، وتوجهات الدولة في التنمية، يمكن أن يُحقق عوائد استثمارية كبيرة جداً. إنها قصة تُظهر كيف أن التمكن من الجانب الإداري والقانوني للعقارات، وليس فقط الجانب التجاري، هو مفتاح للنجاح في سوق تتداخل فيه السياسات الحكومية بشكل كبير مع حركة السوق الحر.

ما الفائدة من هذه القصص في حياة العقاريين؟

تقدم هذه المجموعة من القصص من كتاب حياتي في العقار دروساً استراتيجية وإلهامية للعقاريين، تُعزز من قدرتهم على اتخاذ قرارات مستنيرة وتحقيق النجاح المستدام في بيئة عقارية متغيرة ومعقدة:

  • فن التوقيت الاستثماري والتفكير المضاد: قصة “أذهب حالما ينصرف الآخرون” تُعلم العقاريين أن التوقيت هو كل شيء في الاستثمار. أفضل الفرص لا تظهر دائمًا في أوقات الذروة أو عندما يكون السوق مزدهراً، بل غالباً ما تكون كامنة في فترات الركود أو عدم اليقين. العقاري الناجح هو الذي يمتلك الشجاعة والرؤية للتحرك ضد التيار، والبحث عن الأصول ذات القيمة بأسعار منخفضة عندما يتردد الآخرون. هذا يتطلب تحليلاً دقيقاً للسوق وثقة راسخة في الرؤية الخاصة.
  • تحليل الاحتياجات المتطورة للسوق: “حكاية الاستراحات وأسبابها!” تُبرز أهمية دراسة وتحليل اتجاهات السوق المتغيرة واحتياجات العملاء الجديدة والناشئة. العقاريون بحاجة إلى تجاوز أنواع العقارات التقليدية والتفكير في الأنماط الجديدة للاستخدامات العقارية، مثل الاستراحات، أو المجمعات السكنية ذات الخدمات الخاصة، أو المساحات المشتركة. فهم العوامل الاجتماعية والثقافية والديموغرافية التي تُشكل الطلب العقاري يمكن أن يفتح آفاقاً استثمارية جديدة ومُربحة ويوفر ميزة تنافسية.
  • صياغة استراتيجية استثمارية واضحة: قصة “أبحث عن (الدخل) ولا أبحث عن (رأس المال)” تُقدم درساً جوهرياً في تحديد الأهداف الاستثمارية. يجب على العقاريين أن يحددوا بوضوح ما إذا كانوا يسعون لتحقيق تدفق نقدي مستقر (دخل) من الإيجارات طويلة الأجل، أو تحقيق أرباح رأسمالية من ارتفاع قيمة العقار على المدى القصير إلى المتوسط. هذا التحديد الواضح يُساعد في اختيار أنواع العقارات المناسبة، والمواقع الملائمة، وتطوير استراتيجيات الاستثمار الأكثر فاعلية لتحقيق تلك الأهداف، مما يضمن استمرارية العمل العقاري وربحيته على المدى الطويل ويقلل من المخاطر غير الضرورية.
  • استغلال الفرص الحكومية والمعرفة التشريعية: “الاستحواذ على (أراضي المنح)” تُسلط الضوء على الفرص الكامنة في التعامل مع الأراضي الحكومية أو التي تُقدم كمنح أو تُخصص لأغراض التنمية. العقاريون الذين يفهمون الإجراءات الحكومية، وسياسات التخطيط العمراني، وكيفية التعامل مع أراضي المنح واللوائح ذات الصلة، يمكنهم الاستفادة من فرص تطوير كبيرة قد لا تكون متاحة للمستثمرين العاديين. يتطلب هذا الأمر معرفة قانونية وإدارية عميقة، وبناء علاقات قوية مع الجهات المعنية، والقدرة على التنقل في بيروقراطية الأنظمة.
  • الرؤية الشاملة والمرونة في الاستثمار: بشكل عام، تُظهر هذه القصص أهمية الرؤية الشاملة والمرونة في عالم العقارات. الكاتب لم يلتزم بنوع واحد من الاستثمار أو استراتيجية واحدة، بل تنوعت استراتيجياته لتشمل الاستراحات، وأراضي المنح، والتركيز على الدخل المستقر. هذا التنوع والمرونة في الاستثمار هما مفتاح البقاء والنمو في سوق عقاري دائم التغير، ويُمكن العقاري من التكيف مع مختلف الظروف الاقتصادية والسوقية.

هذه القصص الأربعة من كتاب حياتي في العقار ليست مجرد مقتطفات من سيرة ذاتية، بل هي دروس عملية في الرؤية العقارية، وإدارة المشاريع، واتخاذ القرارات الاستراتيجية، والتفكير الإبداعي، والتي لا غنى عنها لأي عقاري يطمح إلى التميز والنجاح المستدام في هذا المجال الحيوي.

في شبكة عقار،  أحد المنصات المرخصة من الهيئة العامة للعقار، نؤمن بأن شراكتنا هي أساس نجاحكم في السوق العقاري. نقدم لكم مجموعة متكاملة من الخدمات، تشمل باقات المطورين والمستثمرين، وعضويات المؤسسات العقارية والوسطاء، وخدمات التصوير والإنتاج والتصميم والتسويق الاحترافية، بالإضافة إلى الخدمات التقنية المتكاملة وتوثيق العقود الإيجارية عبر منصة إيجار. دعونا نكن شركاء في رحلتكم نحو تحقيق أفضل النتائج.

و سواء كنت شركة أو فردًا، وتبحث عن حلول عقارية احترافية، فإن شبكة عقار هي خيارك الأمثل. اترك التفاصيل علينا، فنحن نتولى كل شيء بكفاءة واحترافية. تواصل معنا عبر نموذج تسويق العقار أو نموذج طلب العقار، أو عبر الواتساب أو نموذج اتصل بنا، ودعنا نجعل تجربتك العقارية سلسة ومريحة.

لا تقتصر فائدة مدونتنا على هذا المقال فقط. ندعوك لاستكشاف أقسامنا المتنوعة حول التسويق العقاري والمؤشرات العقارية والمزادات العقارية وغيرها ، حيث تجد تحليلات مفصلة وأخبارًا محدثة ونصائح قيّمة تخدم كل العاملين في القطاع العقاري والمهتمين به. اكتشف آفاقًا جديدة لمعرفتك.

اشترك في النقاش


مقارنة العقارات

قارن