قيمة السعي في الوساطة العقارية ليست مجرد عمولة تُحتسب في نهاية الصفقة، بل هي حجر الأساس الذي يُبنى عليه الاحترام المهني بين جميع الأطراف. فهي تمثّل المقابل العادل للجهد والوقت والخبرة التي يبذلها الوسيط العقاري، بدءًا من البحث عن الفرص، مرورًا بالتفاوض، وحتى إنجاز الصفقة وتسليم الأطراف حقوقهم. ومع ازدياد تعقيد سوق العقارات، وظهور وسطاء جدد، أصبح الحديث عن “السعي” لا يقتصر على النسبة أو الاتفاق المالي، بل يتعلّق بحقوق، التزامات، وممارسات مهنية يجب أن تخضع للضبط والتوثيق.
الفرق بين من يعمل باحتراف، ويجتهد في متابعة كل تفاصيل الصفقة، وبين من يدخل المشهد العقاري بشكل عشوائي دون تنظيم، هو أن الأول يعتمد على قيمة واضحة ومعلومة تسمى السعي، يضمن بها حقه في منظومة قانونية عادلة. وفي ظل غياب التوثيق أو ضعف الثقافة المهنية، كثيرًا ما يُسلب هذا الحق من مستحقيه، ليُمنح لمن لم يشارك فعليًا في العملية.
في بودكاست “وضّاح”، الذي يقدمه الإعلامي عبدالإله الوادعي من إذاعة شيم، استعرض علي الشهري، عضو اللجنة العقارية في غرفة أبها، هذا المفهوم من زاويته المهنية والإنسانية، مسلطًا الضوء على حالات تُسلب فيها حقوق الوسطاء، ومقترحات لضمان بيئة أكثر عدلًا واحترامًا للعاملين في المجال.
الوساطة العقارية: 7 خطوات لحماية حق السعي كما يوضحها علي الشهري
1. ما هي قيمة السعي؟ وهل هي نسبة ثابتة؟
في الأنظمة العقارية، السعي يُشير إلى العمولة التي يحصل عليها الوسيط عند إتمام الصفقة. وتبلغ النسبة الموصى بها غالبًا 2.5%، لكنها ليست ملزمة. بحسب الشهري، هذه النسبة قابلة للتفاوض، ولا يتم فرضها قانونيًا على أي طرف.
“وساطة العقارية هي 2.5%، لكن الرقم غير ثابت… يحق لك تتفق معاي على 1%، أو حتى 3%.”
وهذا يعني أن القيمة الفعلية للسعي تتوقف على طبيعة العلاقة، حجم الصفقة، ومهارات التفاوض، ما يجعل التوثيق أمرًا لا غنى عنه.
2. من الذي يستحق السعي في الحقيقة؟
الوسيط الذي يبذل الجهد ويقدم الخدمة الفعلية هو من يستحق السعي. لكن الواقع يُظهر أن كثيرًا من الوسطاء يُحرَمون من السعي لصالح طرف ثالث لم يشارك في أي خطوة مهنية.
“أحيانًا يُعطى السعي لمن لم يسعَ… هذه مشكلة كبيرة.” – علي الشهري.
وقد روى الشهري حالة واقعية لمسوقة عملت بجد في التسويق، لكن السعي ذهب لمن يعرف المالك فقط، دون جهد يذكر. هذا النوع من الممارسات لا يخلق فقط ظلمًا مهنيًا، بل يؤسس لبيئة غير عادلة تُحبط الكفاءات.
3. ما أهمية العقود في حماية حقوق الوسطاء؟
وجود عقد وساطة مكتوب هو خط الدفاع الأول عن حق السعي. حيث أشار الشهري إلى أن العديد من الوسطاء لا يوقّعون عقودًا خوفًا من خسارة العميل، أو بسبب رفض الطرف الآخر.
“العقد لا يُرتب عليك تبعة مالية إلا إذا تم البيع… فلماذا ترفض توقيعه؟”
تكلفة توثيق العقد لا تتجاوز 50 ريالًا، ولكن رغم بساطته، لا يزال كثير من العاملين يهملونه، ما يُضعف موقفهم في حال النزاع، ويجعل حقوقهم عرضة للضياع.
4. ما الأثر الإنساني لحرمان الوسيط من السعي؟
القضية ليست مهنية فقط، بل إنسانية. كثير من الوسطاء يعتمدون كليًا على العمولة كمصدر دخل، ويعيشون ظروفًا اقتصادية صعبة.
“عندنا من الوسطاء من لا يستطيع دفع إيجار بيته… يجب أن نُراعي الجانب الإنساني في التعامل معهم.”
عندما يُحرم الوسيط من عمولته، فإن الأثر يتجاوز الحسابات المالية إلى زعزعة الاستقرار النفسي والاجتماعي، ما يجعل البيئة العقارية طاردة للمحترفين.
هل السعي حق قانوني أم التزام أخلاقي؟
بحسب الشهري، السعي هو حق قانوني عند توثيقه، والتزام أخلاقي عند غيابه. المشكلة أن كثيرًا من الناس يخلطون بين الرغبة في عدم الالتزام، وبين احترام الجهد المبذول. من هنا، جاءت دعوته الصريحة لتثقيف المجتمع، وخاصة أصحاب العقارات، حول أهمية دفع السعي لمن يستحقه، حتى لو لم يكن هناك عقد.
“الحق يُعطى بالعرف، بالاتفاق، أو بالوثيقة… لكن الأهم أن يكون هناك إنصاف.”
مقترحات لحماية قيمة السعي العقاري
استنادًا إلى التجربة التي عرضها الشهري، يمكن تلخيص أبرز التوصيات لضمان توزيع السعي بعدالة:
-
إلزام توقيع عقود الوساطة قبل أي إجراء تسويقي.
-
تصميم نموذج إلكتروني موحد يسجّل اسم الوسيط ومساهمته.
-
رفع وعي العملاء حول الفرق بين من يسعى ومن يوقّع.
-
فرض عقوبات على من يخالف الاتفاقات أو يتحايل على السعي.
-
تفعيل دور الجمعيات العقارية في الدفاع عن حقوق الوسطاء.
-
تحديد نسبة السعي في كل عقد بيع وتوثيقها إلكترونيًا.
-
إتاحة وسيلة لتقييم الوسطاء بناءً على الجهد وليس فقط النتائج.
خاتمة
قيمة السعي ليست مجرد نسبة تُدرج في العقود، بل هي مبدأ يعكس عدالة السوق واحترام الجهد. كما بيّن علي الشهري في بودكاست وضّاح مع الإعلامي عبدالإله الوادعي، فإن إعادة تنظيم موضوع السعي هو مدخل رئيسي لبناء سوق عقاري مهني، عادل، وإنساني.
عندما يدرك السوق أن احترام قيمة السعي هو احترام للمهنة بأكملها، تبدأ الثقة بالعودة، وتنخفض معدلات النزاعات، وترتفع جودة العلاقات بين الوسطاء والعملاء والمستثمرين. لا يمكن تطوير الوساطة العقارية دون أن نضع السعي في مكانه الصحيح، كعنصر من عناصر الإنصاف، والاحتراف، والتكامل بين أطراف السوق.
إن احترام هذا الحق ليس فقط التزامًا قانونيًا، بل هو رسالة أخلاقية تعكس النضج المهني والرقي في التعاملات. وعلى الجهات التنظيمية، والممارسين، والعملاء، أن يتكاتفوا لحماية هذا الركن الأساسي من مهنة هي أحد أعمدة التنمية الاقتصادية.
في شبكة عقار، أحد المنصات المرخصة من الهيئة العامة للعقار، نؤمن بأن شراكتنا هي أساس نجاحكم في السوق العقاري. نقدم لكم مجموعة متكاملة من الخدمات، تشمل باقات المطورين والمستثمرين، وعضويات المؤسسات العقارية والوسطاء، وخدمات التصوير والإنتاج والتصميم والتسويق الاحترافية، بالإضافة إلى الخدمات التقنية المتكاملة وتوثيق العقود الإيجارية عبر منصة إيجار. دعونا نكن شركاء في رحلتكم نحو تحقيق أفضل النتائج.
و سواء كنت شركة أو فردًا، وتبحث عن حلول عقارية احترافية، فإن شبكة عقار هي خيارك الأمثل. اترك التفاصيل علينا، فنحن نتولى كل شيء بكفاءة واحترافية. تواصل معنا عبر نموذج تسويق العقار أو نموذج طلب العقار، أو عبر الواتساب أو نموذج اتصل بنا، ودعنا نجعل تجربتك العقارية سلسة ومريحة.
لا تقتصر فائدة مدونتنا على هذا المقال فقط. ندعوك لاستكشاف أقسامنا المتنوعة حول التسويق العقاري والمؤشرات العقارية والمزادات العقارية وغيرها ، حيث تجد تحليلات مفصلة وأخبارًا محدثة ونصائح قيّمة تخدم كل العاملين في القطاع العقاري والمهتمين به. اكتشف آفاقًا جديدة لمعرفتك.