المباني الآيلة للسقوط تمثل أحد أبرز التحديات التي تواجه البيئة العمرانية في المدن السعودية، وتشكل خطرًا حقيقيًا على الأرواح والممتلكات، خاصة في المناطق ذات البنية التحتية القديمة أو التي لم تخضع للصيانة الدورية. في إطار جهود المملكة العربية السعودية لتعزيز سلامة البيئة العمرانية وحماية الأرواح والممتلكات، أصدرت وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان “دليل تقييم ومعالجة المباني الآيلة للسقوط”، الذي يُعد مرجعًا فنيًا وهندسيًا للجهات المختصة في تقييم حالات الخطر الإنشائي للمباني واتخاذ الإجراءات العاجلة المناسبة.
تنبع أهمية هذا الدليل من الحاجة إلى التعامل المهني والسريع مع المباني الآيلة للسقوط أو المتصدعة أو المعرضة للانهيار، بما يضمن الحد من المخاطر والحفاظ على السلامة العامة. ويستند الدليل إلى أسس فنية دقيقة تُمكن الفرق الهندسية من تشخيص أنواع الشروخ، وتحليل أسباب التدهور، وتحديد وسائل الترميم أو الإزالة وفقاً لمستوى الخطورة.
يشمل الدليل أيضًا آلية متكاملة لرصد وتوثيق المخالفات الإنشائية في المباني الآيلة للسقوط، كما يتضمن آليات تصعيدية لإخلاء السكان عند الضرورة، وتدعيم المباني الآيلة للسقوط، وصولاً إلى قرار الإزالة في حال تعذر الإصلاح. إن هذا الدليل يمثل تحركًا حاسمًا للحد من الحوادث المؤسفة الناتجة عن انهيارات مفاجئة، لا سيما في المباني الآيلة للسقوط القديمة، والمناطق ذات الكثافة السكانية العالية.
في هذا المقال، نستعرض 6 خطوات أساسية واردة في الدليل، تساعد على حماية المشاريع القائمة، وضمان المعالجة السليمة لـ المباني الآيلة للسقوط، وتقليل احتمالية الكوارث العمرانية.
الخطوة الأولى: المعاينة العاجلة لـ المباني الآيلة للسقوط
المعاينة العاجلة تُعد نقطة الانطلاق لأي تقييم هندسي، ويتم تنفيذها بأعلى درجات الجدية والدقة. تتضمن هذه الخطوة عدة محاور رئيسية:
- التواصل مع المستخدمين لمعرفة تاريخ العيوب الظاهرة وتطوراتها.
- فحص بصري شامل للمبنى بواسطة فريق هندسي متخصص في التقييم الإنشائي.
- توثيق الحالة بالصور، الرسومات التوضيحية، والملاحظات الفورية.
- تسجيل بيانات التأسيس، واستخدام المبنى، وأي تغييرات طرأت عليه.
- تقييم حالة التربة، والأساسات، والمنشآت المساندة (مثل الجدران الاستنادية أو الأسوار).
تعتمد دقة هذه المرحلة على كفاءة الفريق الفني وخبرته في كشف العيوب غير المرئية، ولهذا يشترط الدليل الاستعانة بمكاتب هندسية مرخصة، وتوثيق كل الملاحظات في تقرير أولي يُرفع للجهات المختصة.
الخطوة الثانية: تحديد أنواع العيوب والأضرار – المباني الآيلة للسقوط
بمجرد الانتهاء من المعاينة الميدانية، يتم تصنيف نوع الضرر ومدى تأثيره على السلامة العامة. يُفصل الدليل بين عدة أنواع من العيوب:
- الفشل Failure: ويُقصد به فقدان أحد عناصر المبنى (كعامود أو جسر) قدرته على أداء وظيفته التصميمية.
- الانهيار Collapse: وهو انفصال ميكانيكي مفاجئ يؤدي إلى سقوط كلي أو جزئي.
- الانهيار المتتابع Progressive Collapse: وهو الأكثر خطورة، حيث يؤدي انهيار جزء بسيط إلى سلسلة انهيارات في باقي الهيكل.
- الشروخ الإنشائية: مثل الشروخ الناتجة عن إجهادات الشد أو الضغط أو القص أو الزلازل أو التآكل.
- تدهور المواد: مثل ضعف الخرسانة أو تآكل الحديد بسبب التعرض للرطوبة.
كما يشمل هذا الجزء تحليل مسببات العيوب، مثل تغييرات استخدام المبنى، أو تحميل زائد لم يكن في التصميم الأصلي، أو تعديلات غير مرخصة.
الخطوة الثالثة: اتخاذ القرار العاجل بالإجراء المناسب – المباني الآيلة للسقوط
بناءً على درجة الخطورة التي تُحدد في الخطوة السابقة، يُصدر الفريق الفني قراره بشأن نوع المعالجة المطلوبة. تشمل الخيارات:
- إصلاحات سطحية: في حالة الأضرار البسيطة التي لا تؤثر على الهيكل.
- تأمين الموقع ودراسة السلامة: للأضرار المتوسطة، وقد تتطلب دعمًا مؤقتًا.
- إخلاء جزئي ودعم فني: للمباني التي تُظهر تدهورًا واضحًا في أحد عناصرها.
- إخلاء كامل وتدعيم عاجل: في حالة وجود مؤشرات على خطر داهم بالانهيار.
- إصدار قرار إزالة: إذا أثبتت الدراسات أن تكلفة الترميم تتجاوز تكلفة الإزالة وإعادة البناء.
وقد نص الدليل على ضرورة تشكيل لجنة فنية متعددة التخصصات لمراجعة القرارات التي تتعلق بالإزالة الكاملة.
الخطوة الرابعة: إجراء الاختبارات الفنية المتقدمة
لا يمكن الاعتماد فقط على الفحص البصري، لذا يشمل الدليل مجموعة من الاختبارات الفنية المعتمدة:
- مطرقة شميدت (Schmidt Hammer): لقياس صلابة الخرسانة على السطح.
- اختبار القلب الخرساني (Core Test): للحصول على عينات داخلية وتحليلها مخبريًا.
- الرادار الأرضي (Ground Penetrating Radar): لتحديد مواقع التسليح الداخلي وقياس الفراغات.
- الكاميرات الحرارية: للكشف عن الرطوبة والفراغات خلف الجدران.
- اختبارات كيميائية: لقياس درجة التحول الكربوني، ومدى تآكل الحديد بفعل الكلوريدات.
ويجب أن تُجرى هذه الاختبارات بإشراف فني مباشر، وأن تُرفق نتائجها مع التقرير النهائي
يمثل التقرير الفني خلاصة الإجراءات السابقة، ويجب أن يُعد وفق قالب معتمد من الوزارة. يشمل التقرير:
- مراجعة الرسومات الإنشائية والتنفيذية.
- مقارنة الوضع القائم مع التصميم الأصلي.
- تحليل الحمل الإنشائي الفعلي مقارنة بالتحمل التصميمي.
- نتائج الاختبارات الميدانية والمخبرية.
- صور فوتوغرافية موثقة للموقع.
- فيديو توثيقي إن لزم.
- توصيات الترميم، أو التدعيم، أو الإزالة.
يُعتبر هذا التقرير وثيقة رسمية يتم الرجوع إليها لاتخاذ القرار المناسب من الجهة البلدية.
الخطوة السادسة: تنفيذ الإصلاحات أو قرار الإزالة
بناءً على التقرير الفني، تُنفذ الجهة المالكة أحد الإجراءات التالية:
- الترميم الإنشائي: يشمل تدعيم الأعمدة والكمرات، أو معالجة التشققات بمواد عالية الكفاءة.
- معالجة الأساسات: باستخدام تقنيات الحقن أو الإضافة حسب نوع الضرر.
- إزالة الأجزاء المتضررة: مثل الأسقف أو الجدران، وإعادة بنائها.
- الإزالة الكاملة: في حالة عدم جدوى الترميم.
يجب أن تتم جميع الإجراءات تحت إشراف مكتب هندسي مرخص، وتوثق أعمال المعالجة بالكامل.
الجوانب القانونية والتنظيمية – المباني الآيلة للسقوط
ينص الدليل على أن الجهات البلدية مخولة بإلزام المالك أو المستخدم بتنفيذ التوصيات الفنية. وفي حال امتناع المالك، يجوز اتخاذ إجراءات نظامية تشمل:
- توجيه إنذار رسمي.
- فرض غرامات مالية.
- تنفيذ الإزالة على حساب المالك.
كما يجب الالتزام بتعليمات كود البناء السعودي، ونظام أخطار المباني، وتوثيق جميع الإجراءات عبر منصة “بلدي” لضمان الشفافية.
خاتمة
يُعد دليل تقييم ومعالجة المباني الآيلة للسقوط خطوة استراتيجية ضمن جهود المملكة لتعزيز كفاءة وجودة القطاع العمراني، ورفع مستوى السلامة للمباني والمنشآت، خاصة في المناطق القديمة أو المتضررة.
من خلال هذه المنهجية المبنية على المعاينة الفورية والتحليل الفني والقرارات السريعة، يتم الحد من المخاطر قبل تفاقمها، مما يوفر الوقت والتكاليف، ويضمن بيئة حضرية أكثر أمانًا واستقرارًا.
ندعو الجهات الهندسية والمكاتب الاستشارية والمقاولين للاطلاع على هذا الدليل، والالتزام بما ورد فيه لضمان حماية الأرواح والممتلكات، وتطبيق أفضل الممارسات في إدارة أخطار المباني.
إن التزام جميع الأطراف المعنية — من المالك إلى المكتب المشرف إلى الجهة البلدية — بتنفيذ هذا الدليل سيعزز من الثقة في بيئة البناء السعودية، ويُسهم في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 في مدن ذكية وآمنة ومستدامة.
لمزيد من المعلومات، يمكن الرجوع إلى النسخة الكاملة من الدليل الصادرة عن وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان، والمتاحة عبر منصات الوزارة الإلكترونية أو منصة بلدي.
في شبكة عقار، أحد المنصات المرخصة من الهيئة العامة للعقار، نؤمن بأن شراكتنا هي أساس نجاحكم في السوق العقاري. نقدم لكم مجموعة متكاملة من الخدمات، تشمل باقات المطورين والمستثمرين، وعضويات المؤسسات العقارية والوسطاء، وخدمات التصوير والإنتاج والتصميم والتسويق الاحترافية، بالإضافة إلى الخدمات التقنية المتكاملة وتوثيق العقود الإيجارية عبر منصة إيجار. دعونا نكن شركاء في رحلتكم نحو تحقيق أفضل النتائج.
و سواء كنت شركة أو فردًا، وتبحث عن حلول عقارية احترافية، فإن شبكة عقار هي خيارك الأمثل. اترك التفاصيل علينا، فنحن نتولى كل شيء بكفاءة واحترافية. تواصل معنا عبر نموذج تسويق العقار أو نموذج طلب العقار، أو عبر الواتساب أو نموذج اتصل بنا، ودعنا نجعل تجربتك العقارية سلسة ومريحة.
لا تقتصر فائدة مدونتنا على هذا المقال فقط. ندعوك لاستكشاف أقسامنا المتنوعة حول التسويق العقاري والمؤشرات العقارية والمزادات العقارية وغيرها ، حيث تجد تحليلات مفصلة وأخبارًا محدثة ونصائح قيّمة تخدم كل العاملين في القطاع العقاري والمهتمين به. اكتشف آفاقًا جديدة لمعرفتك.
