المؤجر والمستأجر والعلاقة والأحكام النظامية لضبطها تمثل خطوة محورية في مسيرة تطوير القطاع العقاري في المملكة العربية السعودية، إذ تأتي في إطار مرحلة تحول نوعية تهدف إلى تعزيز استقراره وتنظيم مكوناته بما يتماشى مع أهداف رؤية المملكة 2030. ويُعد ملف العلاقة الإيجارية بين المؤجر والمستأجر من أبرز الملفات التي أولتها الدولة اهتمامًا خاصًا، لما له من انعكاس مباشر على استقرار الأسر وتحقيق العدالة في السوق العقاري. ومن هنا أصدرت الهيئة العامة للعقار، وبتوجيهات القيادة الرشيدة، هذه الأحكام التي تشكل إطارًا قانونيًا شاملاً ينظم حقوق وواجبات الأطراف ويعيد التوازن لهذا القطاع الحيوي.
1- خلفية تنظيمية
خلال السنوات الأخيرة ارتفعت أسعار العقارات السكنية في بعض مدن المملكة إلى مستويات غير مقبولة، وهو ما انعكس على تكلفة السكن مقارنة بدخل المواطن. هذا الوضع أوجد فجوة واضحة بين العرض والطلب، وأدى إلى تشوهات في السوق العقاري، حيث أصبح الوصول إلى مسكن مناسب تحديًا يواجه الكثير من الأسر.
ومن هنا جاءت الحاجة الملحّة إلى تدخل تنظيمي شامل يضمن تحقيق التوازن ويعيد ضبط العلاقة بين المؤجر والمستأجر، من خلال وضع آليات عملية تقلل من الزيادات العشوائية وتضمن استقرارًا مستدامًا في السوق. وقد جاءت الأحكام النظامية لضبط العلاقة بين المؤجر والمستأجر كاستجابة عملية لهذه التحديات.
2- الأهداف الاستراتيجية
ترتكز هذه الأحكام على أربعة أهداف استراتيجية رئيسية، وهي:
-
ضبط الأسعار وتحقيق التوازن العقاري: عبر وقف الزيادات غير المبررة وضمان استقرار القيمة الإيجارية في العقود.
-
تعزيز الاستقرار السكني والتعاقدي: بحيث يتمكن المستأجر من الاستمرار في سكنه دون تهديد بالإخلاء المفاجئ أو رفع الأجرة بشكل مبالغ فيه.
-
زيادة الشفافية والموثوقية: عبر توثيق العقود في منصة “إيجار”، بما يخلق قاعدة بيانات دقيقة ويُعزز الثقة بين الأطراف.
-
حفظ حقوق الأطراف: بحيث لا يُهضم حق المؤجر في ملكيته، وفي الوقت ذاته لا يُظلم المستأجر في معاملاته.
هذه الأهداف تضع إطارًا متوازنًا يُعالج اختلالات الماضي ويؤسس لسوق إيجاري أكثر عدالة ووضوحًا.
3- أهم الأحكام النظامية
تضمنت الأحكام النظامية لضبط العلاقة بين المؤجر والمستأجر مجموعة من الضوابط والإجراءات العملية، أبرزها:
-
وقف الزيادة في الإيجارات: لا يحق للمؤجر رفع قيمة الإيجار السنوي للعقارات السكنية والتجارية في مدينة الرياض لمدة خمس سنوات ابتداءً من سبتمبر 2025.
-
تثبيت أجرة العقار الشاغر: إذا سبق تأجير العقار، فيجب ألا تزيد أجرته الجديدة على آخر عقد إيجار له.
-
تنظيم أجرة العقار الجديد: بالنسبة للعقارات التي لم يسبق تأجيرها، تُحدد قيمتها بالإيجار وفق ما يتفق عليه الطرفان.
-
التجديد التلقائي للعقود: جميع العقود تُجدد تلقائيًا ما لم يُخطر أحد الطرفين الآخر بعدم الرغبة قبل 90 يومًا من انتهاء العقد.
-
حالات عدم التجديد (في الرياض فقط): حددت الأحكام أربع حالات رئيسية، وهي:
-
تخلف المستأجر عن السداد.
-
وجود عيوب هيكلية تؤثر على سلامة العقار وساكنيه.
-
رغبة المؤجر باستخدام العقار السكني لنفسه أو أحد أقاربه من الدرجة الأولى.
-
أي حالات أخرى يقررها مجلس إدارة الهيئة العامة للعقار وفق الضوابط.
-
4- التزامات المؤجر والمستأجر
ألزمت الأحكام المؤجر بتسجيل عقد الإيجار في شبكة إيجار، مع منح المستأجر الحق في طلب التسجيل أيضًا. وتُمنح الأطراف مهلة 15 يومًا للاعتراض على بيانات العقد، وبعد انقضاء المهلة تُعتبر البيانات صحيحة ونهائية.
كما أعطت الأحكام للمؤجر حق الاعتراض على القيمة الإيجارية في حالات استثنائية مثل:
-
إجراء ترميمات جوهرية زادت من قيمة العقار.
-
إذا كان آخر عقد إيجار قبل عام 2015.
-
أي حالات أخرى تعتمدها الهيئة العامة للعقار.
هذه الضوابط توفر حماية للطرفين، وتضمن أن العلاقة قائمة على أسس واضحة وعادلة.
5- المخالفات والعقوبات
وضعت الأحكام النظامية لضبط العلاقة بين المؤجر والمستأجر نظامًا صارمًا للمخالفات والعقوبات، حيث تصل الغرامة إلى قيمة إيجار ستة أشهر، مع إلزام المخالف بتصحيح وضعه.
كما شجعت الأحكام الرقابة المجتمعية عبر منح مكافأة تصل إلى 30% من قيمة الغرامة لمن يُبلغ عن المخالفات بعد التثبت منها. هذه الخطوة تخلق شراكة بين المواطنين والجهات الرقابية، وتعزز الالتزام الجماعي بالقانون.
6- مبادئ الحوكمة
بُنيت هذه الأحكام على أربعة مبادئ رئيسية لضمان فاعليتها واستدامتها:
-
مبدأ الاستقرار: اعتماد قاعدة “التجديد التلقائي” كضمانة لاستقرار المستأجر وأسرته.
-
مبدأ التوازن والعدالة: تحقيق مصالح المؤجر والمستأجر معًا، بحيث لا يُغلب طرف على الآخر.
-
مبدأ الشفافية والوضوح: إلزامية توثيق جميع العقود في منصة “إيجار”، مما يُقضي على العشوائية.
-
مبدأ الحوكمة والرقابة: فرض عقوبات رادعة، وتفعيل الرقابة المجتمعية، مع وجود لجان مختصة للنظر في النزاعات.
خاتمة
تمثل الأحكام النظامية لضبط العلاقة بين المؤجر والمستأجر نقلة نوعية في مسيرة التنظيم العقاري بالمملكة. فهي ليست مجرد لوائح تنظيمية، بل منظومة متكاملة تُرسخ العدالة، وتُعزز الشفافية، وتوفر استقرارًا طويل الأمد للأسر. كما أنها تفتح الباب أمام بيئة استثمارية أكثر موثوقية، وتضع أسسًا قوية لسوق عقاري متوازن ومستدام.
ومع التطبيق الصارم لهذه الأحكام من قِبل الهيئة العامة للعقار، والالتزام من قبل المؤجرين والمستأجرين، فإن المملكة مقبلة على مرحلة جديدة من التوازن العقاري الشامل الذي يواكب طموحات رؤية 2030 ويُسهم في تحسين جودة الحياة وتحقيق التنمية المستدامة.
في شبكة عقار، أحد المنصات المرخصة من الهيئة العامة للعقار، نؤمن بأن شراكتنا هي أساس نجاحكم في السوق العقاري. نقدم لكم مجموعة متكاملة من الخدمات، تشمل باقات المطورين والمستثمرين، وعضويات المؤسسات العقارية والوسطاء، وخدمات التصوير والإنتاج والتصميم والتسويق الاحترافية، بالإضافة إلى الخدمات التقنية المتكاملة وتوثيق العقود الإيجارية عبر منصة إيجار. دعونا نكن شركاء في رحلتكم نحو تحقيق أفضل النتائج.
و سواء كنت شركة أو فردًا، وتبحث عن حلول عقارية احترافية، فإن شبكة عقار هي خيارك الأمثل. اترك التفاصيل علينا، فنحن نتولى كل شيء بكفاءة واحترافية. تواصل معنا عبر نموذج تسويق العقار أو نموذج طلب العقار، أو عبر الواتساب أو نموذج اتصل بنا، ودعنا نجعل تجربتك العقارية سلسة ومريحة.
لا تقتصر فائدة مدونتنا على هذا المقال فقط. ندعوك لاستكشاف أقسامنا المتنوعة حول التسويق العقاري والمؤشرات العقارية والمزادات العقارية وغيرها ، حيث تجد تحليلات مفصلة وأخبارًا محدثة ونصائح قيّمة تخدم كل العاملين في القطاع العقاري والمهتمين به. اكتشف آفاقًا جديدة لمعرفتك