القطاع العقاري

القطاع العقاري ونزول 35%: كيف تقود القرارات الأخيرة أكبر تصحيح سعري في الرياض؟

يُعد القطاع العقاري أحد أكثر الملفات حيوية وتداولاً، خاصة بعد صدور مجموعة من القرارات التاريخية التي استهدفت معالجة “التشوهات” وارتفاع الأسعار إلى “مستويات غير مقبولة”، بحسب وصف ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. وتُعتبر هذه القرارات، التي صدرت ليلة عيد الفطر، بمثابة نقطة تحول جوهرية لإعادة توازن السوق وتخفيف متوسط تكلفة السكن على المواطن.

نشأة الأزمة: من الاستقرار إلى الارتفاع غير المقبول

شرح المهندس عبد الله الحماد، الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للعقار، أن القطاع العقاري كان يتمتع بحالة من الاستقرار النسبي حتى عام 2019، مع تذبذب في الأسعار ضمن “النطاق المقبول”. لكن، ابتداءً من عام 2019، بدأت موجة من الارتفاعات المتتالية في متوسط سعر المتر المربع في مدينة الرياض. وقد وصلت هذه الارتفاعات إلى مستويات أعلى بكثير من النسب المنطقية، مسجلة معدلاً تراكمياً بلغ متوسطه 16% سنوياً في أسعار الأراضي. هذا يعني أن إجمالي الارتفاع التراكمي خلال أربع سنوات تجاوز 64%، وهو نمو سريع وغير صحي.

ويرجع هذا التسارع غير المبرر إلى عدة عوامل اجتمعت في عام 2019 وما بعده، أبرزها:

  1. النشاط الاقتصادي المكثف: تسارع نمو المشاريع العملاقة والمشاريع النوعية في الرياض، بالإضافة إلى انتقال المقرات الإقليمية للشركات الأجنبية، ونمو متسارع في الوظائف.

  2. قيود على العرض: أدت بعض “الإيقافات” إلى تقنين جانب العرض، مما جعله غير قادر على مواكبة الطلب المتزايد بشكل كبير في المدينة.

  3. تضخم الإيجارات: تأخر سوق الإيجار في التفاعل مع ارتفاع أسعار الأراضي، لكنه بدأ موجة تضخم واضحة من عام 2022، بمعدل ارتفاع سنوي بلغ حوالي 13%، مما زاد العبء على الأسر.

وخلص الحماد إلى أن جوهر المشكلة يكمن في وجود فجوة كبيرة بين العرض والطلب. فمدينة الرياض تحتاج سنوياً إلى حوالي 130,000 وحدة سكنية، بينما لا يستطيع السوق الطبيعي توفير سوى ما بين 50,000 إلى 60,000 وحدة سنوياً، مما يخلق فجوة تتراوح بين 70,000 إلى 80,000 وحدة يجب العمل على تغطيتها.

خطة التوازن العقاري: سد الفجوة وتصحيح المسار

لم يكن الهدف من القرارات الأخيرة مجرد خفض الأسعار، بل كان هدفها الرئيسي هو إعادة توازن القطاع بما يضمن استدامة النمو ويخفف تكلفة العقار، وهو ما أكد عليه ولي العهد بضرورة إيجاد حلول “فورية” للتحدي الذي يواجه الأسر. وتعتمد خطة التوازن على ثلاثة مسارات رئيسية لتغطية الفجوة التي تقدر بـ 130,000 وحدة سنوياً في الرياض:

  1. المسار الأساسي (السوق الطبيعي): يوفر السوق حوالي 50,000 إلى 60,000 وحدة سكنية، ويتم تحفيزه لزيادة الضخ عبر أدوات مثل رسوم الأراضي البيضاء.

  2. المسار الحكومي (الوطنية للإسكان): ستقوم الشركة الوطنية للإسكان (NHC) بضخ 45,000 وحدة سكنية سنوياً في السوق.

  3. المسار التنظيمي (الأراضي الجاهزة): ستضخ الهيئة الملكية لمدينة الرياض أراضٍ جاهزة للبناء، تتراوح بين 10,000 إلى 40,000 وحدة سكنية سنوياً، ويتم تحديد العدد النهائي بناءً على حجم المعروض القادم من السوق العقاري.

رد فعل السوق وحالة “السقوط الحر”

أدت القرارات الجديدة إلى رد فعل فوري ومباشر في السوق، حيث أكد المهندس الحماد أن هناك نزولاً في الأسعار قد وصل في بعض الأحياء إلى نسب تتفق عليها تقديرات ملاك الأراضي والمطورين، تتراوح بين 30% إلى 35%. وذكر أمثلة حية لانخفاض متوسط سعر المتر في أحياء مثل “حي الخير” (من 2440 ريال إلى 1820 ريال) و”حي عريض” (من 1050 ريال إلى 800 ريال).

ويعترف الحماد بوجود “حالة عدم يقين” في السوق، ووصفها البعض بـ”السقوط الحر”. هذه الحالة “طبيعية” وتأتي بعد أي قرارات مؤثرة، حيث يتردد المشترون والبائعون في اتخاذ قراراتهم، وينتظرون وصول السوق إلى نقطة التوازن. والهدف من هذه التصحيحات ليس التسعير المباشر من الهيئة، بل دفع السوق لتصحيح نفسه ذاتياً، وصولاً إلى معدلات نمو صحية تتراوح بين 2.5% إلى 5% سنوياً، وهي النسب التي تحقق التوازن بين مصلحة المستهلك وجاذبية الاستثمار.

أثر النزول الإيجابي على الاقتصاد والمصارف

يؤكد الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للعقار أن هذا التصحيح في الأسعار يصب “جداً في صالح الاقتصاد”. والسبب الجوهري هو تحويل مسار الاستثمار من المضاربة على الأراضي إلى تطوير المشاريع العقارية الفعلية. عندما يتجه المطور لتطوير مشروع كامل، فإنه يحرك قطاعات واسعة في الاقتصاد، بما في ذلك قطاع المقاولات، المصانع، التوظيف، وأكثر من 120 صناعة مرتبطة. وبذلك، فإن المستثمر العقاري “ربحان” لأنه أصبح يحصل على الأراضي بسهولة أكبر وأسعار مناسبة، مما يفتح شهيته للتطوير.

كما أكدت الدراسات التي أجراها البنك المركزي السعودي على “متانة وقوة سياسات التحوط” في البنوك المحلية، مما يعني أن موجة التصحيح والنزول في الأسعار لن يكون لها أي تأثير سلبي على القطاع المصرفي، بل قد يكون لها “أثر إيجابي” في تمكين وتحفيز الاستثمار بشكل أكبر. إن إعادة توازن القطاع العقاري لم يعد مجرد هدف سكني، بل أصبح هدفاً اقتصادياً وطنياً لتحقيق نمو مستدام ومتنوع، وإزالة التشوهات التي كانت تعيق التقدم الاقتصادي الشامل.

الخاتمة

في ختام هذا التحليل، يمكن القول إن التغيرات التنظيمية والقرارات الأخيرة تمثل استراتيجية متكاملة للتعامل مع تحديات القطاع العقاري، خاصة ما يتعلق بتضخم الأسعار غير المبرر. هذه التفاصيل والبيانات القيمة قُدّمت ضمن حلقة “هيئة العقار في الصورة” من بودكاست في الصورة، والتي استضافت الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للعقار، المهندس عبد الله الحماد، وأجراها الإعلامي عبد الله المديفر. وتهدف هذه الجهود إلى تأسيس سوق عقاري أكثر صحة وتوازناً يخدم مصلحة المواطن والاقتصاد على حد سواء.

في شبكة عقار،  أحد المنصات المرخصة من الهيئة العامة للعقار، نؤمن بأن شراكتنا هي أساس نجاحكم في السوق العقاري. نقدم لكم مجموعة متكاملة من الخدمات، تشمل باقات المطورين والمستثمرين، وعضويات المؤسسات العقارية والوسطاء، وخدمات التصوير والإنتاج والتصميم والتسويق الاحترافية، بالإضافة إلى الخدمات التقنية المتكاملة وتوثيق العقود الإيجارية عبر منصة إيجار. دعونا نكن شركاء في رحلتكم نحو تحقيق أفضل النتائج.

و سواء كنت شركة أو فردًا، وتبحث عن حلول عقارية احترافية، فإن شبكة عقار هي خيارك الأمثل. اترك التفاصيل علينا، فنحن نتولى كل شيء بكفاءة واحترافية. تواصل معنا عبر نموذج تسويق العقار أو نموذج طلب العقار، أو عبر الواتساب أو نموذج اتصل بنا، ودعنا نجعل تجربتك العقارية سلسة ومريحة.

لا تقتصر فائدة مدونتنا على هذا المقال فقط. ندعوك لاستكشاف أقسامنا المتنوعة حول التسويق العقاري والمؤشرات العقارية والمزادات العقارية وغيرها ، حيث تجد تحليلات مفصلة وأخبارًا محدثة ونصائح قيّمة تخدم كل العاملين في القطاع العقاري والمهتمين به. اكتشف آفاقًا جديدة لمعرفتك.

اشترك في النقاش


مقارنة العقارات

قارن