ابن سيار… رائدٌ بدأ من الصفر، وأسّس بقوة الشراكة ملامح السوق العقاري في الرياض.
في قلب تاريخ العاصمة السعودية المتجذر، وبين طيّات التحولات العمرانية والاقتصادية التي شهدتها الرياض منذ بداياتها، تبرز قصص شخصيات استثنائية لم تكتفِ بالتجارة لكسب العيش، بل كانت شريكة فاعلة في صناعة هوية المدينة ومكوناتها الحضارية.
أحد أبرز هؤلاء هو محمد بن علي بن سيّار، الرجل الذي انطلق من ظروف بسيطة، وعاش طفولة عنوانها الكفاح، لكنه استطاع أن يُدوّن اسمه في سجل الريادة العقارية، لا بصفقات فقط، بل بفكر الشراكة، وجرأة المخاطرة، ونظرة استثمارية سبقت زمانها.
في بودكاست “ذاكرة عقارات الرياض المنسية”، الذي يقدّمه الإعلامي القدير منصور العساف، ويستضيف فيه الباحث في التاريخ والتراث منصور الشويعر، يتم استعراض هذه الشخصية الملهمة، من محطاتها الأولى في الخليج، إلى مشاركتها في تأسيس مفاهيم الشراكات العقارية المنظمة التي أصبحت لاحقًا ركيزة رئيسية في نمو السوق العقاري في العاصمة.
هذه الحكاية ليست مجرد سرد لمسيرة رجل أعمال، بل هي توثيق لمرحلة مفصلية من تاريخ المدينة، حين كانت الرياض تتشكل على أيدي رجال رأوا في الأرض فرصة، وفي الشراكة قوة، وفي المستقبل طريقًا لا يُرسم إلا بالإرادة والعمل.
من طفولة الحساء لـ ابن سيار إلى فصول النجاح التجاري
تبدأ قصة ابن سيار من ثرمدا، حيث انطلق مع والده الجمال في رحلات نقل التمور. وفي الأحساء، قرر الفتى الصغير البقاء ليبدأ أولى تجاربه العملية. تنقّل بين البيوت، عمل كـ”مدبر منزل”، ثم سافر إلى البحرين، حيث عمل لدى امرأة تُدعى “عائشة”، وادّخر خلال سنوات قليلة 400 روبية.
بدأ التجارة في سوق الأربع، واشترى بضاعة تالفة وأصلحها وحقق ربحًا أوليًا. لاحقًا، خسر في صفقة “دهن فاسد”، لكن مع اندلاع الحرب العالمية الثانية عام 1939، باعه للإنجليز بمبلغ 4000 روبية، محققًا أول قفزة مالية كبيرة في حياته، ومتعلمًا درسًا في استغلال الفرص غير المتوقعة.
التفرغ للعقار وتأسيس “مكتب الشراكة”
بعد رحلة طويلة في تجارة المواد الغذائية، قرر ابن سيار التفرغ للعقار، وانتقل إلى الرياض، حيث أسّس مع مجموعة من التجار البارزين مثل ابن بشر، ابن عثمان، وعبدالعزيز الخرجي ما عُرف باسم “مكتب الشراكة” شرق جامع الإمام تركي بن عبدالله.
هذا المكتب كان نواة أولى للشراكات العقارية الحديثة، حيث يتم شراء مزارع أو أراضٍ كبيرة ثم تقسيمها إلى مخططات وبيعها. وقد عملوا في مناطق مثل عتيقة والعريجاء، وساهموا في تأسيس نمط جديد من الشراكات الاستثمارية الجماعية.
الشراكة العائلية والرؤية المستقبلية
كان محمد بن سيار رائدًا في ترسيخ مبدأ الشراكة العائلية، إذ قال لإخوته: “ترانا شراكة في الحلال كله”، وهي عبارة رسّخت مفهوم تقاسم المسؤولية والأرباح، ونقلها لاحقًا إلى عالم العقار.
انتقل لاحقًا للسكن في حي العليشة، الذي كان يُعتبر آنذاك منطقة نائية، مما يعكس رؤيته المستقبلية في التوسع العمراني. كما ساهم في تطوير أحياء مثل السويدي، سلطانة، وشبرا، قبل أن تصبح مناطق حيوية.
مواقف إنسانية ورمزية القيادة
أبرز المواقف تجلت عندما اشترى أرضًا قرب دوار مسلم دون أن يملك كامل المبلغ، فاستدعاه الملك عبدالعزيز وسأله: “أنت قادر تسددها ولا أبيعك منها؟”، فأجاب بثقة: “إن شاء الله أسددها”، وقد فعل.
كما أن توسعة شارع الشميسي أثّرت على منزله، فدعمه الملك سعود، مما ساعده على سداد الديون وتوسعة أعماله.
خاتمة
تُجسّد قصة ابن سيار أن العقار لم يكن يومًا تجارةً عابرة، بل كان مسيرة حياة حافلة بالإصرار، والمخاطرة الذكية، والشراكة الصادقة. لم يكن يبيع ويشتري فحسب، بل كان يرى ما وراء الصفقة: يرى إمكانيات الأرض، ومكانة الموقع، وجدوى الرؤية البعيدة. من طفل فقير يعمل في منازل البحرين، إلى رائد مؤسس للشراكات العقارية في الرياض، أصبحت حكايته رمزًا يُحتذى، وجزءًا أصيلًا من ذاكرة المدينة الاقتصادية والعمرانية.
لقد قدّم محمد بن علي بن سيار درسًا خالدًا في أن النجاح لا يولد من الحظ، بل من الاستعداد والتضحية، ومن الإيمان بالفكرة والناس. وكان دائمًا سابقًا لزمنه، سواء في قراراته العقارية الجريئة، أو في اختياره للمواقع، أو حتى في إصراره على مبدأ الشراكة الجماعية، الذي أصبح اليوم من أبرز أدوات التطوير والاستثمار في السوق العقاري السعودي.
كما لخّص الباحث منصور الشويعر في ختام حلقة بودكاست “ذاكرة عقارات الرياض المنسية“، حين قال:
“وين كنا عام 1950، ووين صرنا يا أبو محمد؟”
في إشارة دقيقة إلى حجم التحول العمراني الكبير، والنهضة التي ساهم في صناعتها أمثال ابن سيار، ممن بنوا على أرض الواقع، قبل أن ترسم المخططات على الورق.
إن هذا البودكاست، الذي يقدمه الإعلامي منصور العساف، لا يُعيد فقط رواية القصص، بل يوثق تاريخًا موازيًا للتوسع العقاري في العاصمة، ويكشف كيف صيغت الهوية الحضرية للرياض على يد رجال عرفوا قيمة الشراكة، وصدّقوا أن بناء المدينة يبدأ من بناء الثقة.
في شبكة عقار، أحد المنصات المرخصة من الهيئة العامة للعقار، نؤمن بأن شراكتنا هي أساس نجاحكم في السوق العقاري. نقدم لكم مجموعة متكاملة من الخدمات، تشمل باقات المطورين والمستثمرين، وعضويات المؤسسات العقارية والوسطاء، وخدمات التصوير والإنتاج والتصميم والتسويق الاحترافية، بالإضافة إلى الخدمات التقنية المتكاملة وتوثيق العقود الإيجارية عبر منصة إيجار. دعونا نكن شركاء في رحلتكم نحو تحقيق أفضل النتائج.
و سواء كنت شركة أو فردًا، وتبحث عن حلول عقارية احترافية، فإن شبكة عقار هي خيارك الأمثل. اترك التفاصيل علينا، فنحن نتولى كل شيء بكفاءة واحترافية. تواصل معنا عبر نموذج تسويق العقار أو نموذج طلب العقار، أو عبر الواتساب أو نموذج اتصل بنا، ودعنا نجعل تجربتك العقارية سلسة ومريحة.
لا تقتصر فائدة مدونتنا على هذا المقال فقط. ندعوك لاستكشاف أقسامنا المتنوعة حول التسويق العقاري والمؤشرات العقارية والمزادات العقارية وغيرها ، حيث تجد تحليلات مفصلة وأخبارًا محدثة ونصائح قيّمة تخدم كل العاملين في القطاع العقاري والمهتمين به. اكتشف آفاقًا جديدة لمعرفتك.